يستفاد منه أن الهم بالمعصية والقصد إليها ذنب يعاقب عليه، فإنه جعل ذلك من منافيات العصمة، إلا أن يقال: جعل الهم بالمعصية منافيا للعصمة لا يقتضي كونه ذنبا، لجواز كونه من قبيل السهو والنسيان، فإنهما ينافيان العصمة عند أكثر الإمامية وليسا من الذنوب.
ومن الغريب أن الشيخ البهائي نقل هذا الوجه عن والده الماجد بعد أن نقل قبل ذلك تتمة الحديث كما سبق، ولم يتنبه بما يرد عليه من الإيراد، ولعله تنبه لذلك ولكنه اكتفى في دفعه بما نقله في الحاشية بقوله: ورد في الحديث أن ابن آدم إذا هم بالحسنة كتبت له حسنة، وإذا هم بالشر لم يكتب عليه شئ حتى يعمل (1).
وفيه ما عرفته، وكذا فيما قبل أن المراد بنية المؤمن اعتقاده الحق، ولا ريب أنه خير من أعماله، إذ ثمرته الخلود في الجنة، وعدمه يوجب الخلود في النار، بخلاف العمل.
وبهذا يزول الإشكال فيما يروى من تتمة الحديث من قوله (صلى الله عليه وآله): " ونية الكافر شر من عمله " نظر، إذ النية في اللغة هي القصد والعزم على الفعل، اسم من نويت نية، أي: قصدت وعزمت، ثم خصت في غالب الاستعمال بعزم القلب على أمر من الأمور، وفي عرف الفقهاء عبارة عن إرادة إيجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعا، ولا يطلق على الاعتقاد أصلا، حقا كان أو باطلا.
وذكر الصدوق في علل الشرائع أنه (عليه السلام) لما سئل عن قوله (صلى الله عليه وآله): " نية المؤمن خير من عمله " قال في الجواب: لأنه ينوي من الخير ما لا يدركه، ثم قال في جواب " ونية الكافر شر من عمله ": وذلك لأن الكافر ينوي الشر ويأمل من الشر ما لا يدركه (2).
وإلى مثل ذلك يأول ما قيل في توجيه الخبر: إن المؤمن ينوي خيرات كثيرة لا يساعده الزمان على عملها، فكأن الثواب المترتب على نياته أكثر من الثواب المترتب على أعماله القليلة.