وعداوته لأهل البيت (عليهم السلام)، فإنه الذي أخرج أبا ذر من المدينة إلى الربذة للعلة المذكورة، ولأنه خاصمه، ومن ذهب مذهبه في منكر أتوه، وحق أفنوه، ومنبر علوه، ومؤمن أرجؤوه، ومنافق ولوه، وولي آذوه، وطريد آووه، وصادق طردوه، وكافر نصروه، وإمام قهروه، وفرض غيروه، وأثر أنكروه، وشر آثروه، ودم أراقوه، وخير بدلوه، وكفر نصبوه، وإرث غصبوه، وفئ اقتطعوه، وسحت أكلوه، وخمس استحلوه، وباطل أسسوه، وفجور بسطوه، ونفاق أسروه، وغدر أضمروه، وظلم نشروه، ووعد أخلفوه، وأمان خانوه، وعهد نقضوه، وحلال حرموه، وحرام أحلوه، إلى غير ذلك من مناكيرهم الغير المحصورة، فلما رأوا ذلك منه طردوه عن حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الربذة فعاش فيها وحده حتى مات (رضي الله عنه).
وقال الكشي في رجاله: مكث أبو ذر (رحمه الله) بالربذة حتى مات، فلما حضرته الوفاة قال لامرأته: اذبحي شاة من غنمك واصنعيها، فإذا نضجت فاقعدي على قارعة الطريق، فأول ركب ترينهم فقولي لهم: يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قضى نحبه، فأعينوني عليه وأجيبوه، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبرني أني أموت في أرض غربة، وأنه يلي غسلي ودفني والصلاة علي رجال من أمته صالحون (1).
وعن محمد بن علقمة بن الأسود النخعي، قال: خرجت في رهط أريد الحج منهم مالك بن الحارث الأشتر، وعبد الله بن فضل التيمي، ورفاعة بن شداد البجلي، حتى قدمنا الربذة، فإذا امرأة على قارعة الطريق، تقول: يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد هلك غريبا ليس لي أحد يعينني عليه، قال: فنظر بعضنا إلى بعض وحمدنا الله على ما ساق إلينا، واسترجعنا على عظيم المصيبة، ثم أقبلنا معها فجهزناه، وتنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء، ثم تعاونا على غسله حتى فرغنا منه، ثم قدمنا مالك الأشتر فصلى بنا عليه، ثم دفناه، فقام الأشتر على قبره ثم قال: اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عبدك في العابدين،