الالتفات إلى ما قيل في سليمان، وهو كذلك فتأمل، فإن هذه الرواية مذكورة فيه أيضا قبل باب الزيادات مستندا إلى ابن أبي عمير مع كون إبراهيم بن هاشم في الطريق. وبالجملة إثبات الوجوب بمثله مع الأصل ووجود الخلاف من الشيخ في الخلاف، والمحقق في المعتبر مشكل، والاستحباب غير بعيد وإن كان الوجوب أحوط (1). إلى هنا كلامه رفع مقامه.
وأنا لا أعرف ما عنى بقوله: " ولعل الصحة " إلى قوله: " صحيحا " فإن هذا الحديث رواه الشيخ في التهذيب بإسناده إلى محمد بن يعقوب إلى آخر السند من غير تفاوت، فالسند في التهذيب والكافي واحد، وهو أعرف بما قال، والله أعلم بحقيقة الحال، هذا.
وأنت خبير بأن حمل قوله: " فسجوه " على ما حمله عليه (رحمه الله) وهو " اجعلوه على ساجة حين الغسل " بعيد ينافره قوله: " وكذلك إذا غسل " إلى آخره. والظاهر أن المراد بالتسجية هنا التغطئة، أي: غطوه بثوب، ومنه قوله " هذا المسجى قدامنا " (2) وقال الجوهري: سجيت الميت تسجية إذا مددت عليه ثوبا (3).
ثم إذا كان وجوب الاستقبال هو الأحوط كما استقر عليه رأيه آخرا، فأي مانع أن يكون مراد الأصحاب بالوجوب هو الوجوب الاحتياطي، أو نقول: إنهم اختاروا الوجوب ودليلهم عليه مع تظافر الأخبار هو الاحتياط؟
وفيه أن الاحتياط هنا لا يصلح دليلا، لأنه إنما شرع فيما ثبت وجوبه كإحدى الصلاة المنسية، أو كان ثبوت الوجوب هو الأصل كصوم ثلاثين من رمضان إذا غم الهلال، إذ الأصل بقاؤه، وأما ما لا وجوب فيه ولا أصل، فلا يجب فيه احتياط، واستقبال الميت وقت الاحتضار مما لم يثبت وجوبه بعد، وليس ثبوته هو الأصل بل الأصل عدمه كما أشار إليه بقوله: " مع الأصل " فكيف يكون