وفيه: أن المتبادر من الحديث أن نية المؤمن خير من عمله المنوي بهذه النية، فالمناسب له أن يكون الثواب المترتب على كل واحد من نياته أكثر من الثواب المترتب على كل واحد من أعماله المنوي بهذه النية، لا أن يكون الثواب المترتب على نياته الكثيرة أكثر من الثواب المترتب على أعماله القليلة. وبالجملة ظاهر الحديث يفيد أن نية كل عمل خير من ذلك العمل، وما الإشكال إلا فيه.
وفي حديث آخر مذكور في علل الشرائع أيضا أنه (عليه السلام) سئل عن ذلك، فقال:
" لأن العمل ربما كان للمخلوقين، والنية خالصة لرب العالمين، فيعطي الله عز وجل على النية ما لا يعطي على العمل " (1).
ولعله يرجع إليه ما قيل في توجيه الخبر: إن النية لا يكاد يدخلها الرياء ولا العجب، لأنا نتكلم على تقدير النية المعتبرة شرعا، بخلاف العمل فإنه يعرضه ذينك، والحاصل أن أعمال القلب مستورة عن الخلق لا يتطرق إليها الرياء ونحوه بخلاف أعمال الجوارح.
وفيه: أن الكلام كما كان على تقدير النية المعتبرة شرعا كذلك كان على تقدير الأعمال المعتبرة شرعا، فكما لا يدخلانها فكذا لا يدخلانها، بل لا بد وأن تكون خالية عنهما وإلا لم يقع تفضيل، لأن الأعمال الريائية لا خير فيها أصلا، والتفضيل يقتضي المشاركة ولو في الجملة.
والشيخ البهائي مع نقله نظير هذا الكلام في رد توجيه بعض الأعلام، لم يتفطن بمثله في مثل هذا المقام.
ويمكن أن يأول إلى هذا الحديث أيضا ما قيل: إن المراد بالمؤمن هو المؤمن الخالص، كالمغمور بمعاشرة أهل الخلاف فإن غالب أعماله جار على التقية ومداراة أهل الباطل، وهذه الأعمال الواقعة على التقية منها ما يقطع فيه بالثواب كالعبادات الواجبة، ومنها ما لا ثواب فيه ولا عقاب كالباقي، وأما نيته فإنها خالية عن التقية، فهو وإن أظهر موافقتهم بأركانه ونطق به لسانه إلا أنه غير معتقد له