أصيل لكنه نقل بالمعنى.
أما الأول فلما رواه الصدوق في معاني الأخبار في باب معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله): " من بشرني بخروج آذار فله الجنة " بإسناده المتصل إلى ابن عباس " قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم في مسجد قبا وعنده نفر من أصحابه، فقال: أول من يدخل عليكم الساعة رجل من أهل الجنة، فلما سمعوا ذلك قام نفر منهم وخرجوا، وكل واحد منهم يحب أن يعود ليكون أول داخل فيستوجب الجنة، فعلم النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك منهم، فقال لمن بقي من أصحابه: إنه سيدخل عليكم جماعة يستبقون، فمن بشرني بخروج آذار فله الجنة، فعاد القوم ودخلوا ومعهم أبو ذر، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): في أي شهر نحن من الشهور الرومية؟ فقال أبو ذر: قد خرج آذار يا رسول الله، فقال: قد علمت ذلك يا أبا ذر ولكني أحببت أن يعلم قومي أنك رجل من أهل الجنة، وكيف لا تكون ذلك وأنت المطرود عن حرمي بعدي لمحبتك لأهل بيتي، فتعيش وحدك وتموت وحدك، ويسعد بك قوم يتولون تجهيزك ودفنك، أولئك رفقائي في جنة الخلد التي وعد المتقون " (1).
تنبيه: هذا من هؤلاء النفر غريب، يدل على سوء فهمهم كلامه (صلى الله عليه وآله)، لأنه أخبرهم بأن أول داخل عليهم هو رجل من أهل الجنة، لا أن أول داخل هو رجل من أهل الجنة، والكلام إذا اشتمل على قيد زائد فالحكم فيه ناظر إليه، ولذا لما خرجوا وزال القيد غير الكلام عليه وآله السلام وقيده بقيد آخر، فخروجهم ثم استباقة كل منهم للدخول رجاء أن يكون أول داخل فيستوجب الجنة كان جهلا منهم بما دل عليه الكلام وأخبرهم به سيد الأنام عليه وآله السلام. وبالجملة لو كان الكلام هكذا: أول من يدخل الساعة رجل من الجنة، لكان لما فعلوه وجه في الجملة، وليس فليس، وفيه أيضا ما فيه.
ثم أنت خبير بما في هذا الحديث من الإخبار بالغيب، ومن مذمة عثمان