البدن لشدة العلاقة بينهما، فيصير النفس بذلك تسبيحا والنوم صدقة، فيثاب عليه الثواب الذي يثاب عليه بفعله في الخارج وأزيد، لعدم استمرار وجوده فيه ولا بقائه، بخلافه في الذهن، فإنه مستمر فيه إلى أن يحققه في الخارج.
وأما ما ورد: " أن المؤمن إذا هم بحسنة كتبت له بواحدة، وإذا فعلها كتبت عشرا " (1) فيمكن التوفيق باختلاف الأشخاص، فمن نوى خيرا وحنت إليه نفسه وبذل جهده ولم يقدر على فعله وإيجاده في الخارج كتب له أجر فعله، ومن نواه وهو قادر على فعله ولم يفعل كتب له حسنة واحدة، فإذا فعله كتب له عشر أمثاله.
ولتفاوت مراتب الأشخاص والنيات دخل عظيم في تفاوت مراتب الجزاء، ولذا كانت الصدقة في الجزاء بين عشرة وسبعين وسبعمائة إلى سبعين ألف.
ويحتمل أن يكون هذا المقدار من الأجر تفضلا من الله لا استحقاقا من الناوي، ويكون حديث " عشر أمثاله " مبنيا على الاستحقاق.
فإن قلت: عبارة الحديث " إنهم يثابون " أي: بتلك الأعمال المنوية، والثواب هو ما يعطى استحقاقا وجزاء لا تفضلا.
قلت: إن الثواب في الأصل هو الجزاء الذي يرجع إلى العامل بعمله وليس هناك عمل، فيكون تفضلا.
فإن قلت: قد ورد " أن أفضل الأعمال أحمزها " ولا ريب أن العمل المعتبر شرعا لاشتماله على النية أحمز منها، فكيف يكون مفضولا؟
قلت: لا بد من تخصيص هذا الخبر جمعا بين الأخبار، إذ لو بقي على عمومه لزم منه أن لا تكون صلاة فريضة خيرا من عشرين حجة، ولا أجر البكاء على الحسين (عليه السلام) مساويا لأجر مائة شهيد كما في الخبر (2) فيكون المفضل عليه ما سوى ذلك المذكور من النية والصلاة والبكاء وأمثال ذلك.
ومن الأصحاب من وجه هذا الحديث بأن طبيعة النية خير من طبيعة العمل، لأنه لا يترتب عليها عقاب أصلا، بل إن كان خيرا يثيب عليها، وإن كان شرا كان