مناقضة غرضه محال، فكونه من قبله تعالى محال.
قلت: إن الله تعالى علم أن في خلقه من يوحده ويأتمر بأمره، وأن لهم أعداء يعيبونهم ويقصدونهم، فلو أنه عز وجل قصر الأيدي عنهم جبرا وقهرا لبطلت الحكمة، وثبت الإجبار رأسا، وبطل الثواب والعقاب والعبادات (وانسد هذا الباب، لكنه سبحانه جعل الدفع عن أوليائه بضرب من الضروب لا تبطل معه العبادات) (1)، ولا ينقطع به المثوبات (2) والعقوبات، ولا يقع الإلجاء إليه ليكون الحجة له سبحانه لا عليه، فكان (3) غيبة الإمام (عليه السلام) عن أعدائه ومبغضيه ضربا من تلك الضروب.
وليست هذه الغيبة مستجدة (4) في أيام المهدي (عليه السلام)، ولكنها (5) هجير (6) الأنبياء والمرسلين من لدن آدم إلى (7) النبيين. ألا ترى كيف وعد الله سائر ملائكته بظهور آدم بعد غيبته، وذكر ذلك في كتابه المبين: * (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) * (8).
روي أن وعده لهم بذلك قبل أن يخلق آدم بسبعمائة سنة (9)، وكان آدم غائبا عند وقوع هذا الكلام.
ولا يصح للخصم إنكار غيبة آدم (عليه السلام) وحصول هذه الأعوام، أليس قد قال سبحانه (10) للملائكة أنه سيأتي في الأرض بخليفة؟ فالغيبة حاصلة قبل ذلك ولو بساعة واحدة، والساعة الواحدة لا تخلو عن حكمة، وما حصل في الساعة من