منتخب الأنوار المضيئة - السيد بهاء الدين النجفي - ج ١ - الصفحة ١٨٥
وكذا إدريس (عليه السلام) فإنه أول من غاب من أيدي الكفرة الملحدين، ودعا على قومه ألا تمطر عليهم السماء، فمكثوا عشرين سنة حتى هلكوا جوعا وسغبا (1).
ثم ظهر عليهم وقد أخذ منهم الجهد مأخذه، فتابوا وأقلعوا (2)، فدعا الله لهم فأمطرت السماء عليهم فخصبوا (3). (4) وكذا صالح (عليه السلام) فإنه غاب عن قومه مدة متطاولة، فافترقوا على ثلاثة فرق:
جاحدون، وشاكون، ومتيقنون. ثم خرج عليهم - وقد تغيرت أوصافه - فعرض نفسه على الجاحدين، فأنكروه وطردوه. ثم على الشاكين فأبوه ولم يجيبوه. ثم على المتيقنين فطلبوا منه (آية تدل) (5) عليه، فذكرهم وعرفهم فرجعوا إليه. وهذا شأن قائمنا (عليه السلام) في قيامه ودنو أيامه. (6) وأقرب الأحوال شبها بأحواله في تقلبه وتصرفه وانتقاله، أحوال موسى (عليه السلام)، فإن يوسف (عليه السلام) عهد إلى أمته عند موته: أن الفتنة تحيط بهم وتشملهم، وتستولي عليهم القبط، وأن بطون نسائهم تشق، وتذبح الأطفال حتى يدفع الله عنهم بالقائم

١ - سغب الرجل وسغب سغبا وسغبا: جاع. والسغبة: الجوع. وقيل هو الجوع مع التعب، وربما سمي العطش سغبا وليس بمستعمل. انظر " لسان العرب: ١ / ٤٦٨ - سغب - ".
٢ - أقلع فلان عما كان عليه: أي كف عنه. " لسان العرب: ٨ / ٢٩٢ - قلع - ".
٣ - الخصب: نقيض الجدب وهو كثرة العشب، ورفاغة العيش. " لسان العرب: ١ / 355 - خصب - ".
4 - انظر كمال الدين: 127 - 133 ح 1، وقصص الأنبياء: 73 - 76 ح 58، والبحار:
11 / 271 - 276 (باب قصص إدريس) ح 2.
5 - " ما يدل " ب، ح.
6 - هذا مضمون ما رواه الصدوق (رحمه الله) في كمال الدين: 136 (باب ذكر غيبة صالح النبي (عليه السلام)) ح 6 عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وأورده الراوندي في قصص الأنبياء: 98 ح 91، والمجلسي في البحار:
11 / 386 (باب قصة صالح وقومه) ح 12 عن القصص، وفي ج 51 / 215 (باب ما فيه (عليه السلام) من سنن الأنبياء والاستدلال بغيباتهم على غيبته صلوات الله عليهم) ح 1 عن كمال الدين.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست