(١) المذهب الحنبلي: ينسب إلى الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن ذهل بن شيبان.
ولد سنة ١٦٤ ه في بغداد توفي سنة ٣٤١ ه فيها.
أنظر: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: ١ / ١٦٠، ١٦٩.
وقال ابن العماد الحنبلي:
محمد بن أحمد التكريتي الأديب يعرف بالمؤيد كان في زمن نحوي يعرف: بالوجيه النحوي حنبلي المذهب فآذاه الحنابلة فتحنف، فآذاه الحنفية، فانتقل إلى مذهب الشافعي فجعلوه مدرس النظامية في النحو، فعمل فيه المؤيد التكريتي:
ألا مبلغ عني الوجيه رسالة * وإن كان لا تجدي إليه الرسائل تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل * وذلك لما عوزتك المآكل واخترت رأي الشافعي تدينا * ولكنها تهوى الذي هو حاصل وعما قليل أنت لا شك صائر * إلى مالك فافهم لما أنا ناقل شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي: ٤ / ٣٧٤، ٣٤٨ في حوادث سنة ٦٠٠.
وقال عبد الوهاب السبكي عند ذكر السلطان محمود سبكتكين:
كان أولا حنفي المذهب ثم انتقل إلى مذهب الشافعي لما صلى القفال بين يديه صلاة لا يجوز الشافعي دونها، وصلاة لا يجوز أبو حنيفة دونها وقد ساق القفال الحكاية في " فتاويه " ثم حكاها بعد إمام الحرمين غيره.
طبقات الشافعية: ٥ / ٣١٦ طبعة مصر تحقيق محمد محمد الطناني وعبد الفتاح محمد الحلو.
وقال الأستاذ عبد الحليم الجندي:
وفي سنة ٣٥٠ استعانت الجماهير بالجند ضد الشيعة.
وفي سنة ٣٦٣ قتل الكثيرون من أجل إقامة الشيعة لشعائرهم.
وفي سنة ٤٠٣ كانت موقعة الكرخ فتكا بأموال الشيعة وأرواحهم، وأطفالهم.
وفي سنة ٤٣٩ كبست دار الطوسي ببغداد.
وفي سنة ٤٤٨، ٤٤٩ أحرقت مكتبة الطوسي فترك بغداد إلى النجف. وعدوان المالكية على الشافعي في جامع عمرو مشهور.
وطرد المالكية، والحنفية من أجل الشغب في جامع عمر وبعد ذلك بأمر القاضي الحارث بن سكين معروف. وكذلك فتنة الحنابلة في مجلس الطبري (٣١٠)..
وفي سنة ٤١٢ صدر مرسوم في بغداد كفر به الخليفة القادر المعتزلة، وأمر باستتابتهم، وقد سبق منهم العمل عند الخلفاء لقهر المحدثين والفقهاء في عصر:
المأمون، والمعتصم، والواثق.
وفي حياة الفيروز الفيروزآبادي الشافعي قامت الفتنة على الشافعية سنة ٤٧٩. وفي سنة ٥٠٧ قال قاضي الحنفية بدمشق: لو كان لي من الأمر شئ لوضعت الجزية على الشافعية.
وفي سنة ٥٦٧ قال أبو حامد الطوسي المقال نفسه في الحنابلة!
وفي سنة ٥٥٤ حرقت الأسواق في أصفهان للنزاع الحنفية والشافعية.
وفي سنة ٤٦٩ هاج الحنابلة في بغداد إذ ولي القشيري الوعظ بالمدرسة النظامية. ومن قبل ذلك بعام سنة ٤٦٨ انقل السمعاني من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي.
فثار الحنفية بمدينة مرو في خراسان فنفاه سلطانها حقنا لدمه. وفي العصر ذاته أمر ابن تاشفين بإحراق كتب الغزالي في احتفال رسمي بمسجد قرطبة!
وذات يوم رأي الوالي الحنفي في بلاد ما وراء النهر في مخرجه للصلاة في الصباح مسجدا للشافعية فقال:
أما آن لهذه الكنيسة أن تغلق؟
وفي جيلان كان القوم حنابلة إذا قدم عليهم حنفي قتلوه! وجعلوا ماله فيئا للمسلمين!
وأما أهل الأندلس فكانوا مالكية يطردون من الأندلس الحنفي، أو الشافعي، أو الحنبلي إذا وقد عليها. فإن كان معتزليا فربما قتلوه...
ومن سد الذريعة أفتى البعض بتعزير من يترك مذهبا لمذهب.
وفي تركياقتل في عهد السلطان سليم الأول (٩٢٦) نحو أربعين ألفا من الشيعة.
الإمام جعفر الصادق ص ٢٥٥ - ٢٥٦ طبع ونشر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر.
وقال الذهبي:
وذكر إمام الحرمين أن محمود بن سبكتكين كان حنفيا بحب الحديث، فوجد كثيرا منه يخالف مذهبه، فجمع الفقهاء بمرو، وأمر بالبحث في أيما أقوى مذهب أبي حنيفة أو الشافعي. قال: فوقع الاتفاق على أن يصلوا ركعتين بين يديه على المذهبين.
فصلى أبو بكر القفال بوضوء مسبغ، وسترة وطهارة، وقبلة وتمام أركان لا يجوز الشافعي دونها، ثم صلى صلاة على ما يجوزه أبو حنيفة، فلبس جلد كلب مدبوغا قد لطخ ربعه بنجاسته، وتوضأ بنبيذ، فاجتمع عليه الذبان، وكان وضوءا منكسا، ثم كبر بالفارسية، وقرأ بالفارسية دو برك سبز. ونقر ولم يطمئن ولا رفع من الركوع، وتشهد، وفرط بلا سلام، فقال له: إن لم تكن هذه الصلاة يجيزها الإمام، قتلتك. فأنكرت الحنفية الصلاة، فأمر القفال بإحضار كتبهم، فوجدها كذلك، فتحول محمود شافعيا. سير أعلام النبلاء: ١٧ / 486 ط بيروت.
المصادر:
طبقات الشافعية: 4 / 14 الطبعة الأولى.
طبقات الشافعية: 5 / 316 طبع مصر تحقيق محمد محمد الطناحي وعبد الفتاح محمد الحلو.
وفيات الأعيان ترجمة السلطان محمود بن سبكتكين. حياة الحيوان للدميري.
مغيث الخلق في ترجيح المذهب الحق لإمام الحرمين ص 58 ط بيروت.
طعن الإمام الشوكاني في المذاهب لسد باب الاجتهاد ومن عجيب صنع المقلدة أنهم يقبلون ممن ينتسب إلى مذهبهم الترجيح بين الروايتين لإمامهم، وإن كان ذلك المرجح مقلدا غير مجتهد، ولا قريبا من رتبة المجتهد. ومن جاء من هو كإمامهم، أو فوق إمامهم وأخبرهم من الراجح من ذينك القولين لم يلتفتوا [إليه] ولا قبلوا قوله ولو عضد ذلك بالآيات المحكمة، والأحاديث المتواترة، بل يقبلون من موافقيهم مجرد التخريج على مذهب إمامهم، والقياس على ما ذهب إليه ويجعلونه دينا ويحلون به ويحرمون.
فيالله وللمسلمين مع كل عاقل إن الرب واحد، والنبي واحد، والأمة واحدة، والكتاب واحد!!.
وبالجملة فكل من يعقل لا يخفى عليه أن هذه المذاهب قد صار كل واحد كالشريعة عند أهله يذودون عنه كتاب الله، وسنة رسوله، ويجعلونه جسرا يدفعون به كل من يخالفه كائنا ما كان.
سد باب الاجتهاد نسخ للشريعة:
والعجب أن هؤلاء مكاسير المقلدة لم يقفوا حيث أوقفهم الله من القصور وعدم العلم النافع، فقاموا على أهل العلم قومة جاهلية.
وقالوا:
باب الاجتهاد قد انسد، وطريق الكتاب والسنة قد ردمت.
وهذه المقالة من هؤلاء الجهال تتضمن نسخ الشريعة، وذهاب رسمها، وبقاء مجرد اسمها، وأنه لا كتاب، ولا سنة لأن العلماء العارفين بهما إذا لم يبق لهم سبيل على البيان الذي أمر