(١) قال المحب الطبري: وكانت - أي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - أشارت على علي رضي الله عنه أن يدفنها ليلا. " ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ص 54 ".
أقول: وقد أوصت جدتنا الزهراء سلام الله عليها سيدنا أمير المؤمنين عليه السلام أن يدفنها ليلا كي لا يحضرا تشييعها، ولا دفنها. قال الأزري رحمه الله:
ولأي الأمور تدفن سرا * بضعة المصطفى ويعفي ى ثراها فمضت وهي أعظم الناس وجدا * في فم الدهر غصة من جواها وثوت لا يرى لها الناس قبرا * أي قدس يضمه مثواها وقال العلامة المرحوم الشيخ عبد الواحد مظفر رحمه الله:
وأوصت عليا في وصايا أهمها * مواراتها ليلا وإخراجها سرا لكي لا يصلي الغاصبون وحزبهم * عليها فيحتجوا بمشهدها مكرا يقولون تمويها على الناس إنها * رضت واكتسبنا عطفها مرة أخرى وقال ابن قتيبة: فقال عمر لأبي بكر انطلق بنا إلى فاطمة فإنا قد أغضبناها، فانطلقا جميعا، فاستأذنا على فاطمة، فلم تأذن لهما، فأتيا عليا فكلماه، فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها، حولت وجهها إلى الحائط، فسلما عليها، فلم ترد عليهما السلام، فتكلم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي، إنك لأحب إلي من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني مت، ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله إلا أني سمعت أباك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث، ما تركنا فهو صدقة، فقالت:
أرأيتما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله صلى الله عليه تعرفانه وتفعلان به؟
قالا: نعم. فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ قالا: نعم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت:
فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه. فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه، وسخطك يا فاطمة يا فاطمة: ثم انتحب أبو بكر يبكي، حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول:
والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها. الخ.
الإمامة والسياسة: 2 / 20 طبعة مؤسسة الحلبي بمصر.