فلما كان القرن الخامس وأخذت الدولة البويهية يتقلص ظلها شيئا فشيئا والفاطميون ينتابهم بعض الضعف حدث هذا الصراع العقدي بين الشيعة العلويين والسنة في العالم الاسلامي، وانطلقت شرارة الفتنة بين الطائفتين في شرقي العالم الاسلامي حيث الدولة السلجوقية، وقريب منها شعوب كثيرة تدين بالولاء للعلويين. وكان عصر الملك " ملك شاه السلجوقي " ووزيره العظيم " نظام الملك " (1) الذي قتل عام 486 ه - من أبرز الفترات التي اشتد فيها الصراع في القرن الخامس.
ولكن هذا الصراع لم يجمد عند هذه المنطقة من شرقي العالم الاسلامي بل تجاوز ذلك وامتد حتى وصل إلى غربي العالم الإسلامي حين استقر في قلب الجزيرة العربية في نفس الوقت الذي كان يعيش فيه السلطان ملك شاه ووزيره نظام الملك.
وليس أدل على صدق ما ندعيه ما أورده المؤرخ الموسوعي ابن تغري بردي الأتابكي وهو يحكي سيرة أحد حكام مكة في حوادث سنة 487 ه وهو الشريف محمد بن أبي هاشم أمير مكة، حيث قال: وفيها توفي الشريف أمير مكة محمد بن أبي هاشم، كان ظالما جبارا فاتكا سفاكا للدماء مسرفا رافضيا سبابا خبيثا متلونا تارة مع الخلفاء العباسيين، وتارة مع المصريين، وكان يقتل الحجاج ويأخذ أموالهم "... - إلى أن قال -: " وقام بعده ابنه هاشم " (2).
وهذا النص يدلنا دلالة قاطعة على مدى ما بلغه الصراع بين السنة والشيعة