السلام أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأمواله فقال له أبو بكر أليس قد قال إلا بحقها ومن حقها إقامة
الصلاة وإيتاء
الزكاة ولو منعوني عقالا مما أدوه إلى النبي لقاتلتهم عليه ثم اختلافهم بعد ذلك في تنصيص أبي بكر على عمر بالخلافة ثم في أمر الشورى حتى استقر الأمر على عثمان ثم اختلافهم في
قتله وفي خلافة علي ومعاوية وما جرى في وقعة الجمل وصفين ثم اختلافهم أيضا في بعض أحكام الفروعية كاختلافهم في الكلالة وميراث الجد مع الأخوة وعقل الأصابع وديات الأسنان إلى غير ذلك من الأحكام وكان الخلاف يندرج ويترقى شيئا فشيئا إلى آخر أيام الصحابة حتى ظهر معبد الجهني وغيلان الدمشقي ويونس الأسواري وخالفوا في القدر وإسناد جميع الأشياء إلى تقدير الله ولم يزل الخلاف يتشعب والآراء تتفرق حتى تفرق أهل الإسلام وأرباب المقالات إلى ثلاث وسبعين فرقة وإذا
عرفت هذا فنقول (إعلم) إن كبار الفرق الإسلامية ثمانية
المعتزلة والشيعة
والخوارج والمرجئة والجبرية والتجارية والمشبهة والناجية * الفرق الأولى
المعتزلة أصحاب واصل بن عطاء العزال اعتزل عن مجلس
الحسن البصري) وذلك إنه دخل على الحسن رجل فقال يا أمام الدين ظهر في زماننا جماعة يكفرون صاحب الكبيرة يعني وعيدية
الخوارج وجماعة أخرى يرجئون الكبائر ويقولون لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة فكيف تحكم لنا أن نعتقد في ذلك فتفكر الحسن وقبل أن يجيب قال واصل أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلق ولا كافر مطلق ثم قام إلى أسطوانة من أسطوانات
المسجد (وأخذ يقرر) على جماعة من أصحاب الحسن ما أجاب به من (أن مرتكب الكبيرة أوليس بمؤمن ولا كافر ويثبت له المنزلة بين المنزلتين) قائلا إن المؤمن اسم مدح والفاسق لا يستحق المدح فلا يكون مؤمنا وليس بكافر أيضا لإقراره بالشهادتين ولو وجود سائر أعمال الخير فيه فإذا
مات بلا توبة خلد في النار إذ أوليس في الآخرة إلا فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير لكن يخفف عليه ويكون دركته فوق دركات الكفار (فقال الحسن قد اعتزل عنا واصل) فلذلك سمي هو وأصحابه
معتزلة (ويلقبون بالقدرية لإسنادهم أفعال العباد إلى قدرتهم وإنكارهم القدر فيها (وإنهم قالوا إن من يقول
____________________
واحد فالفرق ظاهر (قوله وإنكارهم القدرة فيها) دفع لما يرد على كلام المصنف من أن المناسب على ما ذكره هو القدرة بضم القاف فأشار الشارح إلى أن إسناد أفعال العباد إلى قدرتهم يتضمن نفي القدرة فيها فالتسمية باعتبار