وقد عارضه (1) خالد بن يزيد وخطأه في قوله: الزمان والدهر واحد، وقال: يكون الزمان شهرين إلى ستة أشهر، والدهر لا ينقطع، فهما يفترقان، ومثله قال الأزهري.
وقيل: الدهر هو الزمان الطويل، قاله الزمخشرى. وإطلاقه على القليل مجاز واتساع، قاله الأزهري.
وفي المصباح: الدهر: يطلق على الأمد (2)، هكذا بالميم في في النسخ، وفي الأصول الصحيحة الأبد بالموحدة، ومثله في البصائر والمصباح والمحكم، وزاد في المحكم الممدود، وفي البصائر: لا ينقطع. وقيل: الدهر: ألف سنة. وقال الأزهري: الدهر عند العرب يقع على بعض الدهر الأطول، ويقع على مدة الدنيا كلها.
وفي المفردات للراغب: الدهر في الأصل اسم لمدة العالم من ابتداء (3) وجوده إلى إنقضائه، وعلى ذلك قوله تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) (4) يعبر به عن كل مدة كبيرة (5)، بخلاف الزمان، فإنه يقع على المدة القليلة والكثيرة.
ونقل الأزهري عن الشافعي: الحين يقع على مدة الدنيا ويوم، قال: ونحن لا نعلم للحين غاية، وكذلك زمان ودهر وأحقاب. ذكر هذا في كتاب الأيمان، حكاه المزني في مختصره عنه. وتفتح الهاء، قال ابن سيده: وقد حكي ذلك، فإما أن يكونا لغتين، كما ذهب إليه البصريون في هذا النحو، فيقتصر على ما سمع منه، وإما أن يكون ذلك لمكان حرف الحلق، فيطرد في كل شيء، كما ذهب إليه الكوفيون. قال أبو النجم:
وجبلا طال معدا فاشمخر * أشم لا يسطيعه الناس الدهر قال ابن سيده: وج الدهر أدهر ودهور، وكذلك جمع الدهر، لأنا لم نسمع أدهارا ولا سمعنا فيه جمعا إلا ما قدمناه من جمع دهر.
والدهر: النازلة، وهذا على اعتقادهم على أنه هو الطارق بها، كما صرح به الزمخشرى، ونقله عنه المصنف في البصائر. قال: ولذلك اشتقوا من اسمه دهر فلانا خطب، كما سيأتي قريبا.
والدهر: الهمة والإرادة والغاية، تقول: ما دهري بكذا، وما دهري كذا، أي ما همي وغايتي وإرادتي. وفي حديث أم سليم " ما ذاك دهرك " وقال متمم بن نويرة:
لعمري وما دهري بتأبين هالك * ولا جزعا مما أصاب فأوجعا ومن المجاز: الدهر: العادة الباقية مدة الحياة: تقول: ما دهري بكذا وما ذاك بدهري. ذكره الزمخشرى في الأساس والمصنف في البصائر.
والدهر: الغلبة والدولة، ذكره المصنف في البصائر.
والدهارير: أول الدهر في الزمن الماضي، بلا واحد، كالعباديد، قاله الأزهري.
والدهارير: السالف، ويقال: كان ذلك في دهر الدهارير.
وفي الأساس: يقال: كان ذلك دهر النجم: حين خلق الله النجوم، يريد أول الزمان وفي القديم.
ودهور دهارير: مختلفة، على المبالغة.
وقال الزمخشرى: الدهارير: تصاريف الدهر ونوائبه. مشتق من لفظ الدهر، ليس له واحد من لفظه، كعبابيد، انتهى.
وأنشد أبو عمرو بن العلاء لرجل من أهل نجد. وقال ابن بري، هو لعثير بن عبيد (6) العذري. وقيل: هو لحريث بن جبلة العذري.
قلت: وفي البصائر للمصنف: لأبي عيينة المهلبي:
فاستقدر الله خيرا وارضين به * فبينما العسر إذا دارت مياسير وبينما المرء في الأحياء مغتبط * إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير