" من " من الأختيار، لأنه مأخوذ من قولك: هؤلاء خير القوم وخير من القوم، فلما جازت الإضافة مكان من، ولم يتغير المعنى، استجازوا أن يقولوا: اخترتكم رجلا واخترت منكم رجلا. وأنشد:
* تحت التي اختار له الله الشجر * يريد اختار الله له من الشجر.
وقال أبو العباس: إنما جاز هذا لأن الاختيار يدل على التبعيض، ولذلك حذفت " من ".
واخترته عليهم، عدي بعلى لأنه في معنى فضلته. وقال قيس ابن ذريح:
لعمري لمن أمسى وأنت ضجيعه * من الناس ما اختيرت عليه المضاجع معناه: ما اختيرت على مضجعه المضاجع، وقيل: ما اختيرت دونه.
والاسم من قولك: اختاره الله تعالى الخيرة، بالكسر، والخيرة، كعنبة، والأخيرة أعرف. وفي الحديث " محمد صلى الله عليه وسلم خيرته من خلقه " وخيرته، ويقال: هذا وهذه وهؤلاء خيرتي، وهو ما يختاره عليه.
وقال الليث: الخيرة. خفيفة مصدر اختار خيرة، مثل ارتاب ريبة. قال: وكل مصدر يكون لأفعل فاسم مصدره فعال مثل أفاق يفيق فواقا، وأصاب يصيب صوابا، وأجاب جوابا، أقام الاسم مقام المصدر.
قال أبو منصور: وقرأ القراء: (أن يكون لهم الخيرة) (2) بفتح الياء، ومثله سبي طيبة. وقال الزجاج: " ما كان لهم الخيرة " (3). أي ليس لهم أن يختاروا على الله. ومثله قول الفراء. يقال: الخيرة والخبيرة، كل ذلك لما يختاره من رجل أو بهيمة.
وخار الله لك في الأمر: جعل لك ما فيه الخير. وفي بعض الأصول: الخيرة والخيرة بسكون الياء الاسم من ذلك. وهو أخير منك، كخير، عن شمر. وإذا أردت معنى التفضيل قلت: فلان خيرة الناس، بالهاء، وفلانة خيرهم بتركها، كذا في سائر أصول القاموس، ولا أدري كيف ذلك. والذي في الصحاح خلاف ذلك، ونصه: فإن أردت معنى التفضيل قلت: فلانة خير الناس. ولم تقل خيرة. وفلان خير الناس ولم تقل أخير، لا يثني ولا يجمع، لأنه في معنى أفعل، وهكذا أورده الزمخشري مفصلا في مواضع من الكشاف، وهو من المصنف عجيب. وقد نبه على ذلك شيخنا في شرحه، وأعجب منه أن المصنف نقل عبارة الجوهري بنصها في بصائر ذوي التمييز، وذهب إلى ما ذهب إليه الأئمة، فليتفطن لذلك. أو فلانة الخيرة من المرأتين، كذا في المحكم، وهي الخيرة، بفتح فسكون. والخيرة: الفاضلة من كل شيء جمعها الخيرات. وقال الأخفش إنه لما وصف به وقيل فلان خير، أشبه الصفات فأدخلوا فيه الهاء للمؤنث ولم يريدوا به أفعل. وأنشد أبو عبيدة لرجل من بني عدي تيم تميم (4) جاهلي:
ولقد طعنت مجامع الربلات * ربلات هند خيرة الملكات والخيرة. بكسر فسكون، والخيري، كضيزى، والخورى، كطوبى، ورجل خيري وخورى وخيرى كحيري وطوبى وضيزى ولو وزن الأول بسكرى كان أحسن: كثير الخير، كالخير والخير.
وخايره في الخط (5) مخايرة: غلبه. وتخايرا في الخط وغيره إلى حكم فخاره، كان خيرا منه، كفاخره ففخره، وناجبه فنجبه.
والخيار، بالكسر: القثاء، كما قاله الجوهري، وليس بعربي أصيل كما قاله الفناري، وصرح به الجوهري، وقيل: شبه القثاء، وهو الأشبه، كما صرح به غير واحد.
والخيار: الاسم من الاختيار وهو طلب خير الأمرين، إما إمضاء البيع أو فسخه. وفي الحديث: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ". وهو على ثلاثة أضرب: خيار المجلس، وخيار الشرط، وخيار النقيصة، وتفصيله في كتب الفقه.
وقولهم: لك خيرة هذه الغنم وخيارها. الواحد والجمع