ينهضن بالقوم عليهن الصلب * موكلات بالنجاء والقرب يعني الدلاء (1).
والقرب: طلب الماء ليلا، أو أن لا يكون بينك وبين الماء إلا ليلة، أو إذا كان بينكما يومان، فأول يوم تطلب فيه الماء: القرب، والثاني: الطلق قاله ثعلب.
وفي قول الأصمعي عن الأعرابي: وقلت: ما الطلق؟ فقال: سير الليل لورد الغب. يقال: قرب بصباص، وذلك أن القوم يسيرون بالإبل نحو الماء (2)، فإذا بقيت بينهم وبين الماء عشية عجلوا نحوه، فتلك الليلة ليلة القرب. قلت: وفي الفصيح: وقربت الماء، أقربه، قربا؛ والقرب: الليلة التي ترد في صبيحتها الماء.
قال الخليل: والقارب: طالب الماء ليلا، ولا يقال ذلك لطالب الماء نهارا. وفي التهذيب: القارب الذي: يطلب الماء، ولم يعين وقتا. وعن الليث: القرب أن يرعى القوم بينهم وبين المورد، وفي ذلك يسيرون بعض السير، حتى إذا كان بينهم وبين الماء ليلة أو عشية، عجلوا، فقربوا، يقربون، قربا؛ وقد أقربوا إبلهم. قال: والحمار القارب الذي يقرب القرب، أي: يعجل ليلة الورود (3). وعن الأصمعي: إذا خلى الراعي وجوه إبله إلى الماء، وتركها في ذلك ترعى ليلتئذ، فهي ليلة الطلق فإن كان ليلة (4) الثانية، فهي ليلة القرب، وهو السوق الشديد.
وقال أيضا إذا كانت إبلهم طوالق، قيل: أطلق القوم، فهم مطلقون، وإذا كانت إبلهم قوارب، قالوا: أقرب القوم، فهم قاربون، ولا يقال: مقربون. قال: وهذا الحرف شاذ.
وقال أبو عمرو: القرب في ثلاثة أيام، أو أكثر. وأقرب القوم، فهم قاربون، على غير قياس: إذا كانت إبلهم متقاربة.
وقد يستعمل القرب في الطير؛ أنشد ابن الأعرابي لخليج (5):
قد قلت يوما والركاب كأنها * قوارب طير حان منها ورودها وهو يقرب حاجته، أي: يطلبها، وأصلها من ذلك. وفي حديث ابن عمر: إن كنا لنلتقي في اليوم مرارا، يسأل (6) بعضنا بعضا، وإن نقرب بذلك إلا أن نحمد الله تعالى " قال الأزهري: أي ما نطلب بذلك إلا حمد الله تعالى. قال الخطابي: نقرب، أي: نطلب، الأصل فيه طلب الماء، ومنه: ليلة القرب، ثم اتسع فيه، فقيل فيه: فلان يقرب حاجته، أي: يطلبها؛ فإن الأولى هي المخففة من الثقيلة، والثانية [نافية] (7). وفي الحديث، قال له رجل: " مالي قارب ولا هارب " (8) أي: ماله وارد يرد الماء، ولا صادر، يصدر عنه. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: " وما كنت إلا كقارب ورد، وطالب وجد " كذا في لسان العرب.
والقربان، بالضم؛ ما يتقرب به إلى الله تعالى شأنه، تقول منه: قربت (9) إلى الله قربانا، وقال الليت: القربان: ما قربت إلى الله تعالى، تبتغي بذلك قربة ووسيلة؛ وفي الحديث " صفة هذه الأمة في التوراة: قربانهم دماؤهم " أي: يتقربون إلى الله بإراقة دماءهم في الجهاد. وكان قربان الأمم السالفة ذبح البقر والغنم والإبل. وفي الحديث: " الصلاة قربان كل تقى، أي [أن] (10) الأتقياء من الناس يتقربون بها إلى الله تعالى، أي: يطلبون القرب منه بها.
والقربان: جليس الملك الخاص، أي: المختص به. وعبارة الجوهري وابن سيده: جليس الملك وخاصته لقربه منه، وهو واحد القرابين [تقول: فلان] (11) من قربان الملك ومن بعدانه. وقرابين الملك: وزراؤه وجلساؤه وخاصته، ويفتح، وقد أنكره جماعة.