قوله، صلى الله عليه وسلم: " كذب النسابون ". إن كذب يرد بمعنى صدق ويمكن أخذه من هنا. هذا ما وجد. قال شيخنا: ووسع ابن الأنباري، فقال: وعليه فيكون لفظ كذب من الأضداد، كما إن لفظ الضد أيضا جعلوه الأضداد. قلت: والذي فسر غير واحد من أئمة اللغة والتصريف، أي وجب الرجوع إلى قولهم. وقد تقدمت الإشارة إليه.
ثم ذكر شيخنا، في آخر المادة، ما نصه: الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء فيه العمد والخطأ، إذ لا واسطة بين الصدق والكذب على ما قرره أهل السنة، وأختاره البيانيون. وهناك مذاهب أخر للنظام والجاحظ والراغب وهذا القدر فيه مقنع للطالب. والله أعلم.
[كرب]: الكرب على وزن الضرب مجزوم: الحزن، والغم الذي يأخذ بالنفس، بفتح فسكون، وضبط في بعض النسخ محركة، ومثله في الصحاح كالكربة بالضم.
ج أي: جمع الكرب كروب، كفلس وفلوس. وأما الكربة، فجمعه كرب، كصرد، ففي عبارة المؤلف إيهام.
وكربه الأمر والغم يكربه كربا: اشتد عليه، فاكترب لذلك: اغتم، فهو مكروب وكريب، وإنه لمكروب النفس. والكريب: المكروب، وأمر كارب.
والكرب: الفتل، يقال: كربته كربا، أي: فتلته، وقال الكميت:
فقد أراني والأيفاع في لمة * في مرتع اللهو لم يكرب لي الطول (1) أي: لم يفتل.
والكرب تضييق القيد وقيد مكروب: إذا ضيق. وفي الصحاح: كربت القيد: إذا ضيقته على المقيد، وقال عبد الله بن عنمة (2) الضبي:
ازجر حمارك لا يرتع بروضتنا * إذا يرد وقيد العير مكروب في لسان العرب: ضرب الحمار ورتعه في روضتهم مثلا؛ أي: لا تعرضن لشتمنا، فإنا قادرون على تقييد على العير، ومنعه من التصرف. وهذا البيت في شعره:
اردد حمارك لا ينزع سويته * إذا يرد وقيد العير مكروب والسوية: كساء، يحشي بثمام ونحوه، كالبرذعة، يطرح على ظهر الحمار وغيره. وجزم " ينزع " على جواب الأمر، كأنه قال: إن تردده لا ينزع سويته التي على ظهره، وقوله " إذا يرد جواب، على تقدير أنه قال: لا أرد (3) حماري، فقال مجيبا له: إذا يرد. انتهى.
والكرب إثارة الأرض للحرث. وكرب الأرض، كربا: قلبها (4)، وأثارها للزرع. وفي الصحاح: للزراعة وبخطه في الحاشية: للحرث، كالكراب، بالكسر. وإطلاقه موهم للفتح؛ ومنه المثل الآتي ذكره. وفي التهذيب: الكراب: كربك الأرض حين تقلبها، وهي مكروبة: مثارة.
والكرب، بالتحريك أصول السعف الغلاظ هي الكرانيف، واحدها (5) كرنافة، قاله الأصمعي. وعن ابن الأعرابي: سمى كرب النخل كربا، لأنه استغنى عنه، وكرب أن يقطع ودنا من ذلك. وفي المحكم: الكرب: أصول السعف الغلاظ العراض التي تيبس، فتصير مثل الكتف. وبخط الجوهري: أمثال الكتف، واحدتها: كربة. وفي صفة نخل الجنة: " كربها ذهب ". وقيل الكرب: هو ما يبقى من أصوله في النخلة بعد القطع، كالمراقي. قال: الجوهري: وفي المثل.
* متى كان حكم الله في كرب النخل * (6) وجدت في هامش الصحاح هذا المثل لجرير، قاله لما سمع بيت الصلتان العبدي:
أيا شاعرا لا شاعر اليوم مثله * جرير ولكن في كليب تواضع