تنضح ذفراه بماء صب * مثل الكحيل أو عقيد الرب الكحيل: هو النفط الذي يطلى به الإبل الجربى.
وفيه في الحديث أنه ذكر فتنا فقال: لتعودن فيها أساود صبا، يضرب بعضكم رقاب بعض. والأساود: الحيات. وقوله: صبا. قال الزهري وهو راوي الحديث هو من الصب، قال: والحية إذا أراد (1) النهس ارتفع ثم صب على الملدوغ، ويروى صبى بوزن حبلى. قال الأزهري (2): قوله أساود صبا جمع صبوب وصبب، فحذفوا حركة الباء الأولى وأدغموها في الباء الثانية فقيل صب كما قالوا رجل صب والأصل صبب، فأسقطوا حركة الباء وأدغموها فقيل صب كما قال. قاله ابن الأنباري، قال: وهذا هو القول في تفسير الحديث، وقد قاله الزهري وصح عن أبي عبيد وابن الأعرابي، وعليه العمل. وروي عن ثعلب في كتاب الفاخر فقال: سئل أبو العباس عن قوله: أساود صبا فحدث عن ابن الأعرابي أنه كان يقول: أساود يريد [به] جماعات، سواد وأسوده وأساود. وصبا: ينصب بعضكم على بعض بالقتل. وقيل: هو من صبا يصبو إذا مال إلى الدنيا كما يقال: غاز وغزا (3). أراد لتعودن فيها أساود أي جماعات مختلفين وطوائف متنابذين صابئين إلى الفتنة مائلين إلى الدنيا وزخرفها. قال: ولا أدري من روى عنه. وكان ابن الأعرابي يقول: أصله صبأ على فعل بالهمز مثل صابئ. من صبأ عليه إذا درأ (4) عليه من حيث لا يحتسبه ثم خفف همزه ونون فقيل صبى بوزن غزى، هذا نص لسان العرب. وقد أغفل شيخنا رحمه الله تعالى عن ذلك كله مع كثرة تبجحاته في أكثر المواد.
وعبد الرحمن بن صباب كغراب: تابعي عن أبي هريرة.
[صحب]: صحبه كسمعه يصحبه صحابة بالفتح ويكسر وصحبة بالضم كصاحبه: عاشره. والصاحب: المعاشر، لا يتعدى تعدي الفعل يعني أنك لا تقول: زيد صاحب عمرا لأنهم إنما استعملوه استعمال الأسماء، نحو غلام زيد. ولو استعملوه استعمال الصفة لقالوا: زيد صاحب عمرا، وزيد صاحب عمرو على إرادة التنوين (5)، كما تقول: زيد ضارب عمرا، وزيد ضارب عمرو. تريد بغير التنوين ما تريد بالتنوين.
وهم أصحاب وأصاحيب وصحبان بالضم في الأخير مثل شاب وشبان وصحاب بالكسر مثل جائع وجياع وصحابة بالفتح وصحابة بالكسر وصحب. حكاها جميعا الأخفش. وأكثر الناس على الكسر دون الهاء وعلى الفتح معها وعلى الكسر معها عن الفراء خاصة. ولا يمتنع أن تكون الهاء مع الكسر من جهة القياس على أن تزاد الهاء لتأنيث الجمع. وفي حديث قيلة: خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. هو بالفتح جمع صاحب. ولم يجمع فاعل على فعالة إلا هذا، كذا في لسان العرب.
وقال الجوهري: الصحابة بالفتح: الأصحاب، وهو في الأصل مصدر وجمع. وجمع (6) الأصحاب أصاحيب وأما الصحبة والصحب فاسمان للجمع. وقال الأخفش: الصحب جمع، خلافا لمذهب سيبويه. ويقال: صاحب وأصحاب، كما يقال: شاهد وأشهاد، وناصر وأنصار [قال الأزهري] (7). ومن قال: صاحب وصحبة فهو كقولك: فاره وفرهة. وغلام رائق والجمع روقة.
والصحبة مصدر قولك: صحب يصحب صحبة. وقالوا: في النساء: هن صواحب يوسف. وحكى الفارسي عن أبي الحسن: هن صواحبات يوسف. جمعوا صواحب جمع السلامة. والصحابة بالكسر: مصدر قولك صاحبك الله وأحسن صحابتك، وهو مجاز.
واستصحبه: دعاه إلى الصحبة. ولازمه، وكل ما لازم شيئا فقد استصحبه. قال:
إن لك الفضل على صحبتي * والمسك قد يستصحب الرامكا