فيستوي في الذكر والأنثى والفرد والجميع، كقولك: هو قريب، وهي قريب، وهم قريب، وهن قريب. وعن ابن السكيت تقول العرب: هو قريب مني وهما قريب (١) مني وهم قريب مني، وكذلك المؤنث: هي قريب مني، وهي بعيد مني، [وهما بعيد، وهن بعيد مني وقريب] (٢)، فتوحد قريبا وتذكره؛ لأنه، وإن كان مرفوعا، فإنه في تأويل: هو في مكان قريب مني. وقال الله [تعالى]: (إن رحمة الله قريب من المحسنين).
وقد يجوز " قريبة وبعيدة "، بالهاء، تنبيها على: قربت وبعدت، فمن أنثها في المؤنث، ثنى وجمع؛ وأنشد:
ليالي ولا عفراء منك بعيدة * فتسلى ولا عفراء منك قريب هذا كله كلام ابن منظور في لسان العرب، والأزهري في التهذيب، وقد نقله شيخنا برمته عنه كما نقلت.
وفي المصباح: قال أبو عمرو بن العلاء: القريب في اللغة، له معنيان أحدهما: قريب قرب مكان، يستوي فيه المذكر والمؤنث، يقال: زيد قريب منك، وهند قريب منك؛ لأنه من قرب المكان والمسافة، فكأنه قيل: هند موضعها قريب؛ ومنه (إن رحمة الله قريب من المحسنين)، والثاني: قريب قرب قرابة، فيطابق، فيقال: هند قريبة، وهما قريبتان. وقال الخليل: القريب والبعيد يستوي فيهما المذكر والمؤنث والجمع. وقال ابن الأنباري (٣) في قوله تعالى: (إن رحمة الله قريب): لا يجوز حمل التذكير على معنى أن فضل الله؛ لأنه صرف اللفظ عن ظاهره، بل لأن اللفظ وضع للتذكير والتوحيد. وحمله الأخفش على التأويل. انتهى.
قلت: وقد سبق عن اللسان آنفا، ومثله في حواشي الصحاح والمشكل لابن قتيبة.
ويقال: ما بينهما مقربة، المقربة، مثلثة الراء، والقرب، والقربة، والقربة بضم الراء، والقربى بضمهن: القرابة.
وتقول: هو قريبي وذو قرابتي، ولا تقل: قرابتي، ونسبه الجوهري إلى العامة، ووافقه الأكثرون، ومثله في درة الغواص للحريري.
قال شيخنا: وهذا الذي أنكره، جوزه الزمخشري (٤) على أنه مجاز، أي على حذف مضاف، ومثله جار كثير مسموع. وصرح غيره بأنه صحيح فصيح، نظما ونثرا، ووقع في كلام النبوة: " هل بقي أحد من قرابتها " قال في النهاية: أي أقاربها، سموا بالمصدر، وهو مطرد. وصرح في التسهيل بأنه اسم جمع لقريب، كما قيل في الصحابة إنه جمع لصاحب. انتهى.
وفي لسان العرب: وقوله تعالى: ﴿قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى﴾ (٥) أي: إلا أن تودوني في قرابتي منكم. ويقال: فلان ذو قرابتي وذو قرابة مني، وذو مقربة، وذو قربي مني، قال الله تعالى: ﴿يتيما ذا مقربة﴾ (٦) قال: ومنهم من يجيز فلان قرابتي (٧)، والأول أكثر. وفي حديث عمر: " إلا حامي على قرابته " أي: أقاربه، سموا بالمصدر كالصحابة. وفي التهذيب: القرابة والقربى: الدنو في النسب، والقربى في الرحم، وهو في الأصل مصدر، وفي التنزيل العزيز: ﴿والجار ذي القربى﴾ (٨).
وأقرباؤك وأقاربك وأقربوك: عشيرتك الأدنون، وفي التنزيل: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ (9)، وجاء في التفسير: أنه لما نزلت هذه الآية صعد الصفا، ونادى الأقرب فالأقرب، فخذا فخذا: " يا بني عبد المطلب يا بني هاشم، يا بني عبد مناف، يا عباس، يا صفية، إني لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئتم " هذا عن الزجاج.