بلى، لا يتقدم عليه المفعول الصريح لضعف عمله، والظرف وأخوه، يكفيهما رائحة الفعل، حتى إنه يعمل فيهما ما هو في غاية البعد من العمل، كحرف النفي في قوله تعالى: (ما أنت بنعمة ربك بمجنون) 1، فقوله بنعمة ربك، متعلق بمعنى النفي أي: انتفى بنعمة الله وبحمده عنك الجنون، ولا معنى لتعلقه بمجنون، وكذا تقول: لم أقم لك لما سلمت لأهينك بترك قيامي، فاللام متعلقة بالنفي لا بالقيام، وكذا يعمل فيهما الضمير، كما في قوله:
581 - وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم * وما هو عنها بالحديث المرجم 2 أي ما حديثي عنها، وكذا يجوز أن يكون العامل في الظرف، أعني يومئذ، في قوله تعالى:
(فذلك يومئذ يوم عسير) 3، اسم الإشارة، لأن المراد به: النقر 4، ويجوز، أيضا، الفصل بينه وبين معموله بأجنبي، على هذا، فلا يقدر الفعل لقوله تعالى (أياما معدودات) 5، وكذا يجوز إعماله مضمرا مع قيام الدليل عليه، قوله: (ولا يضمر فيه)، يعني كما يضمر في الصفة، وقد ذكرناه، وقد علل المصنف ترك الاضمار في المصدر بوجه قريب، وهو أنه لو أضمر المفرد، لأضمر المثنى والمجموع أيضا، ولو أضمر فيه المثنى والمجموع لجمع له المصدر وثني، وإلا التبست ضمائر المثني والمجموع والمفرد بعضها ببعض، ولو ثني المصدر وجمع باعتبار الفاعل، وهو مستحق لذلك باعتبار مدلوله، لم يخل أن يؤتي فيه بعلامتي التثنية وعلامتي الجمع وهو مستثقل، أو تحذف إحداهما، وهو مؤد إلى اللبس، ولا يلزم ذلك في اسم الفاعل والمفعول وغيرهما، إذا ما يقع عليه اسم الفاعل هو ما يقع عليه مرفوعه، وكذا اسم المفعول والصفة