من بين ما يمكن تعلقه به، كقوله تعالى: (بل الله فاعبد) 1، أي: من دون الأصنام، أو كون تعلق الفعل به أولى منه بسائر ما تعلق به نحو: زيدا ضربت وعمرا وبكرا، فالمرفوع بالفعل، لما كان ذكره أهم، صار كجزء الفعل، اتصل به، أو انفصل، فثبت بهذا التطويل أن وضع الفعل على أن يكون مصدره مسندا إلى شئ مذكور بعده لفظا، بخلاف نفس المصدر، فإنه ليس موضوعا على أنه منسوب إلى شئ في اللفظ، وإنما وجب ذكر المرفوع بعد الفعل لأنه مقتضاه، كما مر، والمقتضي مرتبته التقدم على مقتضاه، وكان حق الفعل: ألا يطلب غير المسند إليه ولا يعمل إلا فيه، لأنه ليس موضوعا لطلبه كالمصدر، لكنه عمل في غير المسند إليه من المفعولات التي لم تقم مقام الفاعل تبعا لاقتضائه للفاعل وضعا، وعمله فيه لأنه فتح له باب الطلب والعمل، فصار الفعل أصلا في العمل في المسند إليه وغيره، وغير الفعل، من المصدر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة فروعا 2 عليه، وإن دل كل واحد منها، أيضا، على المصدر، الذي بسببه كان الفعل يطلب الفاعل والمفعول ويعمل فيهما، وذلك لأن طلب الفعل للمرفوع وضعي، وطلبه للمنصوب تابع للوضعي، كما بينا، وأما طلب المصدر واسم الفاعل واسم المفعول لهما فليس بوضعي ولا تابع للوضعي، بل هو عقلي، وقد طرأ الوضع على العقل وأزال حكمه، لأن الواضع نظر إلى ماهية الحدث لا إلى ما قام به، فلم يطلب، إذن، في نظره، لا فاعلا، ولا مفعولا، وكذا اسم الفاعل، فإن لفظه في نظره دال على الفاعل، فلا يطلب لفظا آخر دالا عليه، وكذا اسم المفعول، فإنه وضع دالا على المفعول، فكان حق هذه الأشياء ألا تعمل لا في الفاعل ولا في المفعول، لكنها شابهت الفعل فعملت عمله، ومشابهة اسم الفاعل والمفعول أقوى من مشابهة المصدر، لفظا ومعنى، كما مر في باب الإضافة، فلزم عملهما في جميع المواضع عمل الفعل، وشرط فيهما لنصب المفعول دون رفع الفاعل، كما مر في باب الإضافة: الحال والاستقبال، لتحصل
(٤٠٤)