ويقول: نفسي لنفسكما الفداء ووجهي لوجهكما الوقاء يا عترة نبي الله المصطفى هذا باب السجن بين يديكما مفتوح فخذا أي طريق شئتما.
فلما جنهما الليل أتاهما بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح ووقفهما على الطريق وقال لهما: سيرا يا حبيبي الليل واكمنا النهار حتى يجعل الله عز وجل لكما من أمركما فرجا ومخرجا، ففعل الغلامان ذلك فلما جنهما الليل انتهيا إلى عجوز على باب فقالا لها: يا عجوز إنا صغيران غريبان حدثان غير خبيرين بالطريق وهذا الليل قد جننا أضيفينا سواد ليلتنا هذه فإذا أصبحنا لزمنا الطريق، فقالت لهما: فمن أنتما يا حبيبي فقد شممت الروائح كلها فما شممت رائحة أطيب من رائحتكما، فقالا لها: يا عجوز نحن من عترة نبيك محمد (صلى الله عليه وآله) هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل، قالت: يا حبيبي إن لي ختنا قد شهد الواقعة مع عبيد الله بن زياد، أتخوف أن يصيبكما هيهنا فيقتلكما، قالا: سواد ليلتنا هذه فإذا أصبحنا لزمنا الطريق، فقالت: سآتيكما بطعام، ثم أتتهما بطعام فأكلا وشربا ولما ولجا الفراش قال الصغير للكبير: يا أخي إنا نرجو أن نكون قد أمنا ليلتنا هذه، فتعال حتى أعانقك وتعانقني وأشم رائحتك وتشم رائحتي قبل أن يفرق الموت بيننا، ففعل الغلامان ذلك واعتنقا وناما، فلما كان في بعض الليل أقبل ختن العجوز الفاسق حتى قرع الباب قرعا خفيفا، فقالت العجوز من هذا؟ قال: أنا فلان، قالت: ما الذى أطرقك هذه الساعة وليس هذا لك بوقت، قال: ويحك! افتحي الباب قبل أن يطير عقلي وتنشق مرارتي في جوفي جهد البلاء قد نزل بي، قالت: ويحك ما الذي نزل بك؟ قال: هرب غلامان صغيران من عسكر عبيد الله بن زياد فنادى الأمير في معسكره: من جاء برأس واحد منهما فله ألف درهم ومن جاء برأسهما فله ألفا درهم، فقد أتعبت وتعبت ولم يصل في يدي شيء. فقالت العجوز: يا ختني احذر أن يكون محمد خصمك في القيامة، قال: ويحك إن الدنيا محرص عليها. فقالت: وما تصنع بالدنيا