يده وعلي يصب عليه الماء، فلما فرغ من غسل يده مسح وجهه، ثم نظر إلى علي وفاطمة والحسن والحسين نظرا عرفنا به السرور في وجهه، ثم رمق بطرفه نحو السماء مليا، ثم وجه وجهه نحو القبلة وبسط يديه ودعا، ثم خر ساجدا وهو ينشج، فأطال النشوج وعلا نحيبه وجرت دموعه، ثم رفع رأسه وأطرق إلى الأرض ودموعه تقطر كأنها صوب المطر، فحزنت فاطمة وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) وحزنت معهم لما رأينا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهبناه أن نسأله حتى إذا طال ذلك قال له علي وقالت له فاطمة: ما يبكيك يا رسول الله؟ لا أبكى الله عينيك فقد أقرح قلوبنا ما نرى من حالك.
فقال: يا أخي سررت بكم - وقال مزاحم بن عبد الوارث في حديثه هاهنا:
فقال: يا حبيبي - إني سررت بكم سرورا ما سررت مثله قط وإني لأنظر إليكم وأحمد الله على نعمته فيكم.
إذ هبط علي جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إن الله تبارك وتعالى أطلع على ما في نفسك وعرف سرورك بأخيك وابنتك وسبطيك فأكمل لك النعمة وهنأك العطية بأن جعلهم وذرياتهم ومحبيهم وشيعتهم معك في الجنة، لا يفرق بينك وبينهم، يحبون كما تحبى (1) ويعطون كما تعطى، حتى ترضى وفوق الرضا على بلوى كثيرة تنالهم في الدنيا ومكاره تصيبهم بأيدي أناس ينتحلون ملتك ويزعمون أنهم من أمتك برءا من الله ومنك، خبطا خبطا وقتلا قتلا، شتى مصارعهم، نائية قبورهم، خيرة من الله لهم ولك فيهم، فأحمد الله عز وجل على خيرته وارض بقضائه، فحمدت الله ورضيت بقضائه بما اختاره لكم.
ثم قال لي جبرئيل: يا محمد إن أخاك مضطهد بعدك، مغلوب على أمتك، متعوب من أعدائك، ثم مقتول بعدك، يقتله أشر الخلق والخليقة وأشقى البرية،