منه، فسألت عنهم، فقيل: اجتمعوا ليعرضوا، ثم يسرحون إلى الحسين، فأنشدك الله إن قدرت على ألا تقدم عليهم شبرا إلا فعلت! فإن أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتى ترى من رأيك، ويستبين لك ما أنت صانع، فسر حتى أنزلك مناع جبلنا الذي يدعى أجأ، أمتنعنا والله به من ملوك غسان وحمير ومن النعمان بن المنذر، ومن الأسود والأحمر، والله إن دخل علينا ذل قط؛ فأسير معك حتى أنزلك القرية، ثم نبعث إلى الرجال ممن بأجأ وسلمى من طيء، فوالله لا يأتي عليك عشرة أيام حتى تأتيك طيء رجالا وركبانا، ثم أقم فينا ما بدا لك، فإن هاجك هيج فأنا زعيم لك بعشرين ألف طائي يضربون بين يديك بأسيافهم، والله لا يوصل إليك أبدا ومنهم عين تطرف؛ فقال له: جزاك الله وقومك خيرا! إنه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف، ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الأمور في عاقبه!
قال أبو مخنف: فحدثني جميل بن مرثد، قال: حدثني الطرماح بن عدي، قال:
فودعته وقلت له: دفع الله عنك شر الجن والإنس، إني قد امترت لأهلي من الكوفة ميرة ومعي نفقة لهم، فأتيهم فأضع ذلك فيهم، ثم أقبل إليك إن شاء الله، فإن ألحقك فوالله لأكونن من أنصارك؛ قال: فإن كنت فاعلا فعجل رحمك الله.
قال: فعلمت أنه مستوحش إلى الرجال حتى يسألني التعجيل؛ قال: فلما بلغت أهلي ووضعت عندهم ما يصلحهم، وأوصيت فأخذ أهلي يقولون: إنك لتصنع مرتك هذه شيئا ما كنت تصنعه قبل اليوم، فأخبرتهم بما أريد، وأقبلت في طريق بني ثعل حتى إذا دنوت من عذيب الهجانات، استقبلني سماعة بن بدر، فنعاه إلي، فرجعت (1).