سبأ إذ ملكتهم امرأة منهم فحكمت في أموالهم ودمائهم حتى أذلتهم (1).
[154] - 61 - وقال أيضا:
سار الحسين حتى نزل الشقوق، فإذا هو بالفرزدق بن غالب الشاعر قد أقبل عليه فسلم ثم دنا منه فقبل يده، فقال الحسين: من أين أقبلت يا أبا فراس؟ فقال:
من الكوفة يا ابن بنت رسول الله! فقال: كيف خلفت أهل الكوفة؟ فقال: خلفت الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والله يفعل في خلقه ما يشاء!
فقال: صدقت وبررت، إن الأمر لله يفعل ما يشاء وربنا تعالى كل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب فالحمد لله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحق نيته.
فقال الفرزدق: يا ابن بنت رسول الله! كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم قد قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته؟ قال: فاستعبر الحسين بالبكاء ثم قال: رحم الله مسلما! فلقد صار إلى روح الله وريحانه وجنته ورضوانه، أما إنه قد قضى ما عليه و بقي ما علينا. قال: ثم أنشأ الحسين يقول:
وإن تكن الدنيا تعد نفيسة * فدار ثواب الله أعلى وأنبل وإن تكن الأبدان للموت أنشئت * فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل وإن تكن الأرزاق رزقا مقدرا * فقلة حرص المرء في الرزق أجمل وإن تكن الأموال للترك جمعها * فما بال متروك به المرء يبخل قال ثم ودعه الفرزدق في نفر من أصحابه ومضى يريد مكة (2).