أمر ابن زياد بكير بن حمران أن يصعد به إلى أعلى القصر فيقتله، فصعد به وهو يسبح الله تعالى ويستغفره ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله)، فضرب عنقه ونزل مذعورا، فقال له ابن زياد: ما شأنك؟ فقال: أيها الأمير رأيت ساعة قتله رجلا أسود سئ الوجه حذائي عاضا على إصبعه أو قال على شفته ففزعت منه فزعا لم أفزعه قط، فقال ابن زياد لعنه الله: لعلك دهشت (1).
[132] - 39 - قال ابن أعثم:
ثم أمر عبيد الله بن زياد بهانئ بن عروة أن يخرج فيلحق بمسلم بن عقيل، فقال محمد بن الأشعث: أصلح الله الأمير: إنك قد عرفت شرفه في عشيرته، وقد عرف قومه أني وأسماء بن خارجة جئنا به إليك، فأنشدك الله أيها الأمير إنما وهبته لي فإني أخاف عداوة أهل بيته، وأنهم سادات أهل الكوفة وأكثرهم عددا.
قال: فزبره ابن زياد، ثم أمر بهانئ بن عروة فأخرج إلى السوق إلى موضع يباع فيه الغنم وهو مكتوف وعلم أنه مقتول فجعل يقول: وا مذحجاه! وا عشيرتاه ثم أخرج يده من الكتاف وقال: أما من شيء فأدفع به عن نفسي؟ قال: فصكوه ثم أوثقوه كتافا فقالوا: أمدد عنقك! فقال: لا والله ما كنت الذي أعينكم على نفسي.
فتقدم إليه غلام لعبيد الله بن زياد يقال له: رشيد، فضربه بالسيف فلم يصنع شيئا.
فقال هانئ: إلى الله المعاد، اللهم! إلى رحمتك ورضوانك، اللهم اجعل هذا اليوم كفارة لذنوبي! فإني إنما تعصبت لابن بنت نبيك محمد (صلى الله عليه وآله). فتقدم رشيد وضربه ضربة أخرى فقتله (رحمه الله).
ثم أمر عبيد الله بن زياد بمسلم بن عقيل وهانئ بن عروة (رحمهما الله) فصلبا جميعا منكسين، وعزم أن يوجه برأسيهما إلى يزيد بن معاوية (2).