فإنك لو قد أعطيتهم إياها لقد اطمأنوا إليك ووثقوا ولم يكتموك شيئا من أخبارهم ثم اغد عليهم ورح حتى تعرف مستقر مسلم بن عقيل وتدخل عليه ففعل ذلك وجاء حتى جلس إلى مسلم بن عوسجة الأسدي في المسجد الأعظم وهو يصلي فسمع قوما يقولون هذا يبايع للحسين (عليه السلام) فجاء وجلس إلى جنبه حتى فرغ من صلاته، ثم قال: يا عبد الله إني امرء من أهل الشام أنعم الله علي بحب أهل البيت وحب من أحبهم وتباكا له وقال: معي ثلاثة آلاف درهم أردت بها لقاء رجل منهم بلغني أنه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكنت أريد لقاءه فلم أجد أحدا يدلني عليه ولا أعرف مكانه فإني لجالس في المسجد الآن إذ سمعت نفرا من المؤمنين يقولون هذا رجل له علم بأهل هذا البيت وإني أتيتك لتقبض مني هذا المال وتدخلني على صاحبك فإني أخ من إخوانك وثقة عليك وإن شئت أخذت بيعتي له قبل لقاءه.
فقال له ابن عوسجة: أحمد الله على لقائك إياي فقد سرني ذلك لتنال الذي تحب ولينصر الله بك أهل بيت نبيه عليه وعليهم السلام ولقد ساءني معرفة الناس إياي بهذا الأمر قبل أن يتم مخافة هذا الطاغية وسطوته.
قال له: معقل لا يكون إلا خيرا، خذ البيعة علي فأخذ بيعته وأخذ عليه المواثيق المغلظة ليناصحن وليكتمن فأعطاه من ذلك ما رضى به، ثم قال: اختلف إلي أياما في منزلي فإني طالب لك الإذن على صاحبك.
وأخذ يختلف مع الناس فطلب له الإذن فأذن له فأخذ مسلم بن عقيل بيعته وأمر أبا ثمامة الصائدي بقبض المال منه وهو الذي كان يقبض أموالهم وما يعين به بعضهم بعضا ويشتري لهم السلاح وكان بصيرا وفارسا من فرسان العرب ووجوه الشيعة وأقبل ذلك الرجل يختلف إليهم فهو أول داخل وآخر خارج حتى فهم ما