عليه من حقنا فإني لا أحب أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب فأتوه حتى وقفوا عليه عشية وهو جالس على بابه وقالوا له: ما يمنعك من لقاء الأمير فإنه قد ذكرك وقال: لو أعلم أنه شاك لعدته، فقال لهم: الشكوى تمنعني. فقالوا له: قد بلغه أنك تجلس كل عشية على باب دارك وقد استبطاك والإبطاء والجفاء لا يحتمله السلطان، أقسمنا عليك لما ركبت معنا.
فدعى بثيابه فلبسها ثم دعى ببغلة فركبها حتى إذا دنى من القصر كأن نفسه أحست ببعض الذي كان، فقال لحسان بن أسماء بن خارجة: يا بن الأخ إني والله لهذا الرجل لخائف فما ترى؟ فقال يا عم والله ما أتخوف عليك شيئا ولم تجعل على نفسك سبيلا ولم يكن حسان يعلم في أي شيء بعث إليه عبيد الله، فجاء هانئ حتى دخل على عبيد الله بن زياد وعنده القوم فلما طلع قال عبيد الله: أتتك بخائن رجلاه فلما دنى من ابن زياد وعنده شريح القاضي التفت نحوه فقال:
أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مراد وقد كان أول ما قدم مكرما له ملطفا، فقال له هانئ: وما ذاك أيها الأمير قال: إيه يا هانئ بن عروة ما هذه الأمور التي تربص في دارك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك وظننت أن ذلك يخفى علي؟ قال: ما فعلت ذلك وما مسلم عندي.
قال: بلى قد فعلت. فلما كثر ذلك بينهما وأبى هانئ إلا مجاحدته ومناكرته دعى ابن زياد معقلا ذلك العين فجاء حتى وقف بين يديه، فقال له: أتعرف هذا؟ قال: نعم وعلم هانئ عند ذلك أنه كان عينا عليهم وأنه قد أتاه بأخبارهم فاسقط في يده ساعة ثم راجعته نفسه فقال: اسمع مني وصدق مقالتي فوالله لا كذبت والله ما دعوته إلى منزلي ولا علمت بشيء من أمره حتى جائني يسألني النزول فاستحييت من