قال: فرفع طرفه إليه ثم قال: أحسن - يا أمير المؤمنين - معاشرة أبي جعفر، فإن عمرك وعمره هكذا - وجمع بين سبابتيه -.
قال: فلما كان من تلك الليلة قضي عليه بعد ما ذهب من الليل بعضه، فلما أصبح اجتمع الخلق، وقالوا: هذا قتله واغتاله - يعني المأمون - وقالوا: قتل ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأكثروا القول والجلبة (1).
وكان محمد بن جعفر بن محمد (عليه السلام) استأمن إلى المأمون، وجاء إلى خراسان، وكان عم أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال له المأمون: يا أبا جعفر، اخرج إلى الناس، وأعلمهم أن أبا الحسن لا يخرج اليوم، وكره أن يخرجه فتقع الفتنة، فخرج محمد بن جعفر إلى الناس، فقال: " أيها الناس، تفرقوا، فإن أبا الحسن لا يخرج اليوم "، فتفرق الناس، وغسل أبو الحسن (عليه السلام) في الليل ودفن (2).
11 - قال الشيخ المفيد (رحمه الله):
ولما توفي الرضا (عليه السلام) كتم المأمون موته يوما وليلة، ثم أنفذ إلى محمد بن جعفر الصادق وجماعة من آل أبي طالب الذين كانوا عنده، فلما حضروه نعاه إليهم وبكى، وأظهر حزنا شديدا وتوجعا، وأراهم إياه صحيح الجسد، وقال: يعز علي - يا أخي - أن أراك في هذه الحال، قد كنت آمل أن أقدم قبلك، فأبى الله إلا ما أراد، ثم أمر بغسله وتكفينه وتحنيطه، وخرج مع جنازته يحملها حتى انتهى إلى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن، فدفنه.