٨ - وعن علي بن الحسين الكاتب، قال: إن الرضا (عليه السلام) حم، فعزم على الفصد، فركب المأمون، وقد كان قال لغلام له: فت هذا بيدك - لشيء أخرجه من برنية (١) - ففته في صينية، ثم قال: كن معي، ولا تغسل يدك.
وركب إلى الرضا (عليه السلام)، وجلس حتى فصد بين يديه. وقيل: بل أخر فصده.
وقال المأمون لذلك الغلام: هات من ذلك الرمان - وكان الرمان في شجرة في بستان في دار الرضا (عليه السلام) - فقطفت منه. ثم قال: اجلس ففته، ففت منه في جام، فأمر بغسله.
ثم قال للرضا (عليه السلام): مص منه شيئا. فقال: حتى يخرج أمير المؤمنين. فقال:
لا والله إلا بحضرتي، ولولا خوفي أن يرطب معدتي لمصصته معك، فمص منه ملاعق، وخرج المأمون. فما صليت العصر حتى قام الرضا (عليه السلام) خمسين مجلسا.
فوجه إليه المأمون: قد علمت أن هذه إفاقة وفتار للفضل الذي في بدنك، وزاد الأمر في الليل، فأصبح (عليه السلام) ميتا، فكان آخر ما تكلم به: ﴿... قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم...﴾ (٢)، ﴿... وكان أمر الله قدرا مقدورا﴾ (3).
وبكر المأمون من الغد، فأمر بغسله وتكفينه، ومشى خلف جنازته حافيا حاسرا، يقول: يا أخي، لقد ثلم الإسلام بموتك، وغلب القدر تقديري فيك (4).