ثورته للحق والمظلومين، لم نقل ذلك لأنهم كانوا يرجون لتلك الانتفاضات أن تحقق كل أهدافها، بل لأن الثورة على الظلم حتى ولو كان نصيبها الفشل، تكشف زيف الحاكم وواقعه، وتترك وراءها من يحس بالظلم والعدوان، ويحاسب عليهما.
وقد حققت تلك الانتفاضات هذا المقدار وأكثر منه بلا شك في ذلك، ولكن المكاسب الكبرى التي حققتها ثورة الأئمة (عليهم السلام) لمصلحة الإسلام، لم يكن بالإمكان تحقيق شيء منها لو أنهم اشتركوا بتلك الانتفاضات أو تولوا قيادتها.
ومهما كان الحال، فالذي أنكره الإمام الرضا والأئمة (عليهم السلام) على بعض الثائرين من العلويين، أنهم كانوا يغترون ببعض المظاهر، وينخدعون لبعض الأصوات التي كانت تهتف باسمهم، فيدعون ما ليس لهم، ويخرجون بدون تخطيط، وبالتالي يكون نصيبهم القتل والتشريد، كما أنكروا على بعض الثائرين إسرافهم في القتل والسلب وإحراق البيوت والممتلكات، وكان نصيب الأبرياء من ذلك أكثر من نصيب الحاكمين وأعوانهم، ولذا فإن الإمام الرضا (عليه السلام) قد وقف من أخيه زيد ابن الإمام موسى بن جعفر ذلك الموقف المتصلب، وأنبه على عدوانه وتجاوزاته التي لا تقرها الشرائع والأديان.
وقد عرف عند المؤرخين وبعض المحدثين بزيد النار، لكثرة ما أحرق من الدور والممتلكات التي تخص العباسيين ومن يلوذ بهم من الأتباع والأعوان، وكان كما جاء في تأريخ ابن الأثير إذا قبض على رجل من المسودة أحرقه بالنار، واستولى مع ذلك على الكثير من أموال التجار سوى ما أخذه من أموال العباسيين وأنصارهم.
وقد خرج في البصرة عندما استولى أبو السرايا على الكوفة وجهاتها، بعد أن انتقلت الخلافة إلى المأمون، والإمام الرضا (عليه السلام) لا يزال في المدينة، فأرسل إليه