بغداد لتلافي ما تركته الأحداث من آثار سيئة على خلافته، فلم يجد صعوبة في دخولها، ولا مقاومة جادة لمنعه عنها، سيما وإن مخاوفهم من انتقال السلطة إلى البيت العلوي قد تبددت بعد وفاة الإمام الرضا (عليه السلام)، وبعد أن عادوا إلى طاعة المأمون، واختفى خليفتهم الخليع ابن شكلة المغني، فجلس لبني العباس وجمعهم، ودعا بحلة سوداء فلبسها، وترك الخضرة، ولبس الناس كذلك (1).
وأخيرا، تحقق ما تنبأ به الإمام (عليه السلام) من أن أمر البيعة بولاية العهد لا يتم، وأنه يقتل ويدفن إلى جنب هارون الرشيد، ولم يكتف المأمون بالغدر بالإمام (عليه السلام) ودس السم إليه، بل أراد أن ينال منه ميتا بدافع من حقده الدفين، فكتب إلى السري عامله على مصر، يخبره بوفاة الرضا (عليه السلام)، ويأمره بغسل المنابر التي دعي له عليها، فغسلت، كما أشرنا إليه فيما تقدم.