الرضا (عليه السلام)، ولم يحدث التأريخ عن أي تحرك علوي ضد المأمون خلال تلك الفترة القصيرة التي عاشها الإمام الرضا (عليه السلام) بعد ولاية العهد.
أما موقف الإمام الرضا من انتفاضات العلويين وتحركاتهم ضد الحاكمين، فلم يكن على ما يبدو سلبيا من حيث مبدأ الثورة المناهضة للظلم والطغيان والاستغلال، بل كان كغيره من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يباركون كل ثائر على الظلم والباطل حتى ولو لم ينجح عسكريا، إذا كانت ثورته ضمن الحدود المشروعة ولصالح الأمة، لأن الثورة النزيهة في الغالب تكشف للشعوب زيف الحكام وواقعهم الكريه، وتترك وراءها فئة تحس بالظلم والتجاوزات، وتحاسب عليهما، وأحيانا تضطر الحاكم إلى تصحيح سلوكه ووسائل حكمه إلى حد ما.
والسؤال الذي يعترض القارئ في هذا المقام هو أن الأئمة إذا افترضنا أنهم كانوا يباركون بعض تلك الانتفاضات، فلماذا لم يتولوا قيادتها؟ وأحسب بأن القارئ سوف لا يقف طويلا إلى جانب هذا التساؤل لو قارن بين المهمات التي انصرف إليها الأئمة (عليهم السلام) وبين تلك الانتفاضات، ذلك لأنهم كانوا يعلمون بأن نصيب تلك الانتفاضات سيكون الفشل السريع؛ لأنها لم تقم على أسس صحيحة ومدروسة تضمن لها النجاح، والثورة الناجحة تحتاج إلى قاعدة شعبية واضحة مزودة بالوعي والإخلاص، وتستجيب لتخطيط القائد في كل ما يتوقف عليه نجاحها، ولم يتوفر ذلك لتلك الانتفاضات التي كانت تحدث هنا وهناك.
وفي الوقت الذي كانت ترتفع فيه الأصوات ضد الحاكمين، كان الأئمة (عليهم السلام) يقودون الثورة الثقافية التي فرضتها مصلحة الإسلام يوم ذاك، وكان النجاح حليفها في مختلف الميادين، كما يبدو ذلك للمتتبع في تأريخهم.
وعندما قلنا بأنهم كانوا يباركون كل ثائر على الظلم والباطل، إذا كانت