أمره، ولكنا نحتاج أن نضع منه (1) قليلا قليلا، حتى نصوره عند الرعية بصورة من لا يستحق لهذا الأمر، ثم ندبر فيه بما يحسم عنا مواد بلائه (2).
وفي حديث وفاة الإمام (عليه السلام) برواية هرثمة بن أعين (3)، قال المأمون:
يا هرثمة، هل أسر إليك [أبو الحسن] شيئا غير هذا؟ قلت: نعم.
قال: ما هو؟ قلت: خبر العنب والرمان.
قال: فأقبل المأمون يتلون ألوانا، يصفر مرة، ويحمر أخرى، ويسود أخرى، ثم تمدد مغشيا عليه، فسمعته في غشيته وهو يهجر ويقول: ويل للمأمون من الله، ويل له من رسوله، ويل له من علي، ويل للمأمون من فاطمة، ويل للمأمون من الحسن والحسين، ويل للمأمون من علي بن الحسين، ويل له من محمد بن علي، ويل للمأمون من جعفر بن محمد، ويل له من موسى بن جعفر، ويل له من علي بن موسى الرضا، هذا والله هو الخسران المبين، يقول هذا ويكرره (4).
والخلاصة أن الإمام (عليه السلام) كان متوجعا متألما من أفعال المأمون، مبديا ما يعتمل في أعماقه من المرارة والألم الذي يعاني منه، فهو لا يستطيع أن يفعل شيئا إزاء إصرار الحكم العنيد عليه بالقبول لولاية العهد دون أن يملك لنفسه حرية الاختيار والحركة، فضاق صدره حتى كان يرجو من الله تعجيل وفاته، كما قال ياسر الخادم: كان الرضا (عليه السلام) إذا رجع يوم الجمعة من الجامع وقد أصابه العرق