ذكاء الإمام (عليه السلام) وفطنته.
وتتوارد الأسئلة تترى على الإمام (عليه السلام) من علماء عصره فيلقون الجواب حاضرا عنده دون أن يعمل في ذلك فكره. فهذا نافع بن الأزرق (ت / 65 ه) زعيم الأزارقة الخوارج يسارع ويتسرع في سؤال الباقر (عليه السلام) عن الله عز وجل متى كان؟ ظنا منه بأنه سيحرجه بالإجابة، والإمام يومذاك لم يكن قد أكمل العقد الأول من عمره. ويأتيه الجواب سريعا مسكتا بأن: قل لي أيها السائل: متى لم يكن، حتى أخبرك متى كان؟!! سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا (1).
ويروى أن عمرو بن عبيد، وهو من أئمة الاعتزال ومفكريهم، وفد على محمد بن علي الباقر (عليه السلام) لامتحانه بالسؤال أيضا، فقال له:
جعلت فداك ما معنى قوله تعالى:
(أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما)، ما هذا الرتق؟ وما هذا الفتق؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): كانت السماء رتقا لا تنزل المطر، وكانت الأرض رتقا لا تخرج النبات، ففتق الله السماء بالقطر، وفتق الأرض بالنبات. فانقطع عمرو ولم يعترض بشيء.
وعاد إليه مرة أخرى، وقال: خبرني جعلت فداك عن قوله تعالى:
(ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى)، ما ذلك الغضب؟
قال (عليه السلام): العذاب يا عمرو، وإنما يغضب المخلوق الذي يأتيه الشيء فيستفزه، ويغيره عن الحال التي هو بها إلى غيرها. فمن زعم أن الله يغيره الغضب والرضا ويزول عن هذا فقد وصفه بصفة المخلوق.
وعن أبي بصير قال: كان مولانا أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) جالسا في الحرم وحوله عصابة من أوليائه، إذ أقبل طاووس اليماني في جماعة من