ومن بعد قام خليفتاه الإمامان الحسن والحسين (عليهما السلام)، في نشر علوم آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وبعد فاجعة الطف وعودة الإمام السجاد (عليه السلام) إلى المدينة المنورة، باشر في بناء مدرسة فقه آل محمد (صلى الله عليه وآله) على الأسس التي تركها اسلافه الكرام على رغم الإرهاب الفكري والإرعاب السياسي الملحد، الذي أشاعه الحكم الأموي المنحرف حينذاك.
وبعد التحاق الإمام زين العابدين علي بن الحسين السجاد (عليهما السلام) بالرفيق الأعلى قام بالأمر من بعده الإمام أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) خير قيام في توسعة المدرسة الفقهية وأنظم إلى مدرسته فطاحل العلماء في عصره من مختلف الميول والاتجاهات لينهلوا من نمير علمه وسعة اطلاعه ومعارفه.
وقد أحصيت من تلاميذه ما يربو على الخمسمائة، سأترجم لبعضهم واذكر البعض الآخر.
وقد توسعت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وبلغت أوجها في عصر الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) وذلك في فترة التطاحن السياسي وانقراض الحكم الأموي وبداية نهوض الحكم العباسي، واستمر أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في أداء رسالتهم في نشر العلوم وتثبيت قواعد شريعة السماء، وقد تركوا تراثا لا ينسى وبصمات لا تمحى وبقيت آثارها إلى يومنا هذا، على رغم تتابع الحكم المنحرف والمعادي لخط أهل البيت وشيعتهم، إلا في بعض الفترات التي حكم فيها بعض الولاة الموالين لخط أهل البيت (عليهم السلام).
وسنحاول بقدر الإمكان ترجمة العصر الذي عاشه الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) ومدرسته وتلامذته، ورواة أحاديثه (عليه السلام).
ومنه سبحانه استمد العون والتوفيق.