واحتملت صوت أبي وطرحته إلى أسماع الرجال والنساء والصبيان، فما بقي أحد منهم إلا صعد السطوح وأبي مشرف عليهم.
فكان فيمن صعد شيخ من أهل مدين كبير السن، فنظر إلى أبي على الجبل فنادى بأعلى صوته: اتقوا الله يا أهل مدين، فإنه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب (عليه السلام) حين دعا على قومه، فإن أنتم لم تفتحوا له الباب ولم تنزلوه جاءكم من الله العذاب وإني أخاف عليكم وقد أعذر من أنذر، ففزعوا وفتحوا الباب وأنزلونا. وكتب بجميع ذلك إلى هشام، فارتحلنا في اليوم الثاني فكتب هشام إلى عامل مدين يأمره بأن يأخذ الشيخ فيطمره، فأخذوه فطمروه.
وكتب إلى عامل مدينة الرسول: أن يحتال في سم أبي في طعام أو شراب فلم يتهيأ من ذلك له شئ (1).
وفي رواية أخرى في كتاب كامل الزيارات عن أبي بصير (رضي الله عنه) عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: بعث هشام إلى أبي فأشخصه إلى الشام فلما دخل عليه قال له: يا أبا جعفر أنا بعثت إليك لأسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري، ولا ينبغي أن يعرف هذه المسألة إلا رجل واحد.
فقال له أبي: تسألني عما تحب، فإن علمت أجبته وإن لم أعلم قلت: لا أدري، وكان الصدق أولى بي، فقال له هشام: أخبرني عن الليلة التي قتل فيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بما استدل الغائب عن المصر الذي قتل فيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ وما كانت العلامة فيه للناس؟ وأخبرني هل كانت لغيره في قتله علامة؟
فقال له أبي: إنه لما كانت اللية التي قتل فيها علي (عليه السلام) لم يرفع فيها حجر عن وجه الأرض إلا وجد تحته دم عبيط حتى طلع الفجر، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون (عليه السلام)، وكذلك الليلة التي رفع فيها عيسى ابن