النهروان أم لم يعلم؟ فإن قلت: لا كفرت، فقال: قد علم، قال (عليه السلام): فأحبه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته؟ فقال: أن يعمل بطاعته، فقال له أبو جعفر (عليه السلام) قم مخصوصا، فقام وهو يقول: (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) والله أعلم حيث يجعل رسالته.
وجاء في رواية المفيد: أن نافع بن الأزرق جاءه يوما يسأله عن مسائل في الحلال والحرام، فقال له الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) وهو يحدثه: يا نافع،، قل لهذه المارقة بم استحللتم فراق أمير المؤمنين وقد سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته والتقرب إلى الله بنصرته، وإذا قالوا لك: لأنه حكم الرجال في دين الله، فقل لهم: قد حكم الله تعالى في الشريعة رجلين من خلقه فقال عز وجل في كتابه:
(وابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)، وحكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم فيهم بما أمضاه الله، أوما علمتم أن أمير المؤمنين إنما أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن ولا يتعدياه واشترط رد ما خالف القرآن من أحكام الرجال، وقال حين قالوا له:
حكمت على نفسك من حكم عليك، قال: ما حكمت مخلوقا وانما حكمت كتاب الله، فأين تجد المارقة تضليل من أمر بالحكم بالقرآن واشترط رد ما خالفه لولا ارتكابهم في بدعتهم البهتان، فقال نافع بن الأزرق: هذا والله كلام ما مر بمسمعي قط ولا خطر مني على بال وهو الحق.
وجاء في توحيد الصدوق عن عبد الله بن سنان عن أبيه أنه قال: كنت في مجلس الإمام محمد الباقر (عليه السلام) فجاءه أحد الخوارج وقال له: يا جعفر أي شئ تعبد؟ قال له: اعبد الله، فقال: هل رأيته؟ فقال: لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يعرف بالقياس، ولا يدرك بالحواس، ولا يشبه الناس، موصوف بالآيات، لا يجور في حكم، ذلك هو الله لا إله إلا هو،