فقال: ما يبكيك يا محمد؟ قال: اغترابي وبعد المشقة وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر إليك، فقال: أما قلة المقدرة فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا، وجعل البلاء إليهم سريعا، وأما ما ذكرت من الاغتراب فلك بأبي عبد الله أسوة بأرض ناء عنا بالفرات، وأما ما ذكرت من بعد الشقة فإن المؤمن في هذه الدار غريب، وفي هذا الخلق منكوس، حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله، وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا وانك لا تقدر على ذلك، فلك صافي قلبك وجزاؤك عليه (1).
وفيه عن المناقب أيضا عن المفضل بن عمر أنه قال: بينما أبو جعفر (عليه السلام) بين مكة والمدينة إذ انتهى إلى جماعة على الطريق، وإذا رجل من الحجاج نفق حماره، وقد بدد متاعه، وهو يبكي، فلما رأى أبا جعفر (عليه السلام) أقبل إليه، فقال له:
يا بن رسول الله، نفق حماري وقد بقيت منقطعا فادع الله تعالى أن يحيي لي حماري، قال: فدعا أبو جعفر (عليه السلام) فأحيا الله له حماره (2).
وفي كشف الغمة عن محمد بن مسلم قال: سرت مع أبي جعفر (عليه السلام) ما بين مكة والمدينة وهو على بغلة، وأنا على حمار له، إذ أقبل ذئب فهوى من رأس الجبل حتى دنى من أبي جعفر (عليه السلام) فجلست البغلة فدنا الذئب حتى وضع يده على القربوس وتطاول بخطمه إليه وأصغى إليه أبو جعفر (عليه السلام) بأذنه مليا ثم قال: إذهب فقد فعلت، فرجع الذئب وهو يهرول، فقال لي: أتدري ما قال؟
فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال: إنه قال لي: يا بن رسول الله، إن زوجتي في ذلك الجبل وقد عسر عليها ولادتها فادع الله أن يخلصها ولا يسلط أحدا من نسلي على أحد من شيعتكم، قلت: قد فعلت (3).