أنك بعثت إلى رجل من أهل الكتاب تستقرئه، قال: لا ولكن ذكرت مناجاة إليا [إيليا] لربه فبكيت من ذلك، قلنا: وما هي مناجاته جعلنا الله فداك؟ قال: جعل يقول: يا رب أتراك معذبي بعد طول قيامي صلاة لك، وجعل يعدد أعماله فأوحى الله إليه إني لست أعذبك، فقال: يا رب وما يمنعك أن تقول لا بعد نعم، وأنا عبدك وفي قبضتك، قال: فأوحى الله إليه: إني إذا قلت قولا وفيت به.
وروى القطب الراوندي في الخرائج عن أبي عتيبة قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام)، فدخل رجل فقال: أنا من أهل الشام أتولاكم وأبرأ من عدوكم، وأبي كان يتولى بني أمية، وكان له مال كثير، ولم يكن له ولد غيري، وكان مسكنه الرملة، وكان له جنينة يتخلى فيها بنفسه، فلما مات طلبت المال فلم أظفر به، ولا أشك أنه دفنه وأخفاه مني.
قال أبو جعفر (عليه السلام): أفتحب أن تراه وتسأله أين موضع ماله؟ قال: أي والله إني لفقير محتاج. فكتب أبو جعفر (عليه السلام) كتابا وختمه بخاتمه، ثم قال: انطلق بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتى تتوسطه، ثم تنادي: يا دوجان يا دوجان، فإنه يأتيك رجل معتم فادفع إليه كتابي وقل: أنا رسول محمد بن علي بن الحسين، فإنه يأتيك فاسأله عما بدا لك، فأخذ الرجل الكتاب وانطلق.
قال أبو عتيبة: فلما كان من الغد أتيت أبا جعفر (عليه السلام) لأنظر ما حال الرجل، فإذا هو على الباب ينتظر أن يؤذن له، فأذن له فدخلنا جميعا، فقال الرجل: الله يعلم عند من يضع العلم، قد انطلقت البارحة وفعلت ما أمرت، فأتاني الرجل فقال: لا تبرح من موضعك حتى آتيك به، فأتاني برجل أسود، فقلت: ما هذا أبي. قال: غيره اللهب ودخان الجحيم والعذاب الأليم، قلت: أنت أبي؟ قال: نعم.
قلت: فما غيرك عن صورتك وهيئتك؟ قال: يا بنى كنت أتولى بني أمية وأفضلهم على أهل بيت النبي بعد النبي (صلى الله عليه وآله) فعذبني الله بذلك، وكنت أنت تتولاهم وكنت أبغضك على ذلك وحرمتك، فزويته عنك وأنا اليوم على ذلك