قال الحاكم النيسابوري - بعد ذكر الأخبار الواردة في بيعة الناس للإمام -:
" أما قول من زعم أن عبد الله بن عمر وأبا مسعود الأنصاري وسعد بن أبي وقاص وأبا موسى الأشعري ومحمد بن مسلمة الأنصاري وأسامة بن زيد قعدوا عن بيعته، فإن هذا قول من يجحد حقيقة تلك الأحوال "، ثم ذكر أن هؤلاء بايعوا الإمام لكن لم يسايروه في حروبه الداخلية؛ لأسباب دعتهم إلى ذلك، مما أوقع البعض في اعتقاد أنهم مخالفين لبيعة الإمام (عليه السلام) (1).
وقد ارتضى هذا الرأي ابن أبي الحديد، ونسبه إلى المعتزلة في كتابه شرح نهج البلاغة (2).
وإذا تأملنا نصوص الباب نجد أن أكثر من عرف بالتخلف عن البيعة قد بايع الإمام (عليه السلام)، لكن بيعة بعضهم - نظير: عبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص - لم تكن بمعنى الوفاء لقيادة الإمام؛ حيث أعلنوا صراحة عدم مرافقتهم للإمام في حروبه. كما أن بيعة بعض آخر منهم - نظير: مروان بن الحكم، وسعيد بن العاص، والوليد بن عقبة - كانت بدوافع سياسية (3).
ومن هنا يمكن عد هؤلاء في المتخلفين عن البيعة؛ لأن بيعتهم لم تكن حقيقية وكاملة، كما يكن عدهم في المبايعين؛ لاشتراكهم من المراسم الرسمية للبيعة.
وبهذا يمكن الجمع بين النظريتين.