رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ فإن الاختلاف في الحكم إضاعة للعدل وغرة في الدين وسبب من الفرقة. وقد بين الله ما يأتون وما ينفقون، وأمر برد ما لا يعلمون إلى من استودعه الله علم كتابه، واستحفظه الحكم فيه، فإنما اختلاف القضاة في دخول البغي بينهم واكتفاء كل امرئ منهم برأيه دون من فرض الله ولايته، ليس يصلح الدين ولا أهل الدين على ذلك. ولكن على الحاكم أن يحكم بما عنده من الأثر والسنة، فإذا أعياه ذلك رد الحكم إلى أهله، فإن غاب أهله عنه ناظر غيره من فقهاء المسلمين ليس له ترك ذلك إلى غيره.
وليس لقاضيين من أهل الملة أن يقيما على اختلاف في الحكم دون ما رفع ذلك إلى ولي الأمر فيكم فيكون هو الحاكم بما علمه الله، ثم يجتمعان على حكمه فيما وافقهما أو خالفهما، فانظر في ذلك نظرا بليغا؛ فإن هذا الدين قد كان أسيرا بأيدي الأشرار، يعمل فيه بالهوى، وتطلب به الدنيا.
واكتب إلى قضاة بلدانك فليرفعوا إليك كل حكم اختلفوا فيه على حقوقه. ثم تصفح تلك الأحكام؛ فما وافق كتاب الله وسنة نبيه والأثر من إمامك فأمضه واحملهم عليه. وما اشتبه عليك فاجمع له الفقهاء بحضرتك فناظرهم فيه، ثم أمض ما يجتمع عليه أقاويل الفقهاء بحضرتك من المسلمين؛ فإن كل أمر اختلف فيه الرعية مردود إلى حكم الإمام، وعلى الإمام الاستعانة بالله، والاجتهاد في إقامة الحدود، وجبر الرعية على أمره، ولا قوة إلا بالله (1).
1669 - عنه (عليه السلام) - في ذم اختلاف العلماء في الفتيا -: ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم