فإذا هو كهيئة الفرخ من شدة البلاء، فقال له: قد كنت تدعو في صحتك دعاء؟ قال: نعم، كنت أقول: يا رب أيما عقوبة أنت معاقبي بها في الآخرة فاجعلها لي في الدنيا، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فقالها الرجل فكأنما نشط من عقال وقام صحيحا وخرج معنا.
ولقد أتاه رجل من جهينة أجذم يتقطع من الجذام، فشكا إليه، فأخذ قدحا من ماء فتفل عليه، ثم قال: امسح به جسدك، ففعل فبرئ حتى لم يوجد عليه شيء.
ولقد اتي بعربي أبرص فتفل (صلى الله عليه وآله وسلم) من فيه عليه فما قام من عنده إلا صحيحا.
ولئن زعمت أن عيسى أبرأ ذوي العاهات من عاهاتهم، فإن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بينما هو في بعض أصحابه، إذ هو بامرأة فقالت: يا رسول الله، إن ابني أشرف على حياض الموت، كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب، فقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقمنا معه، فلما أتيناه قال له: جانب يا عدو الله ولي الله فأنا رسول الله، فجانبه الشيطان فقام صحيحا وهو معنا في عسكرنا. ولئن زعمت أن عيسى (عليه السلام) أبرأ العميان، فإن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) قد فعل ما هو أكثر من هذا، إن قتادة بن ربعي كان رجلا صحيحا، فلما أن كان يوم احد أصابته طعنة في عينه فبدرت حدقته، فأخذها بيده ثم أتى بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله، إن امرأتي الآن تبغضني، فأخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من يده ثم وضعها مكانها، فلم تكن تعرف إلا بفضل حسنها وفضل ضوئها على العين الاخرى.
ولقد جرح عبد الله بن عبيد وبانت يده يوم حنين، فجاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلا فمسح عليه يده فلم تكن تعرف من اليد الاخرى.