خضعت له الآلهة بجلاله، ووجلت القلوب من مخافته، فلا عدل له ولاند، ولا يشبهه أحد من خلقه، ونشهد له بما شهد به لنفسه وأولوا العلم من خلقه: لا إله إلا الله، ليس له صفة تنال (1) ولا حد تضرب له الأمثال، المدر صوب الغمام ببنات نطاف (2) ومتهطل الرباب (3)، بوابل (4) الطل (5)، فرش الفيافي (6) والآكام (7) بشقيق الدمن (8) وأنيق الزهر (9) وأنواع النبات المبجس بثق العيون، الغزار من صم الأطواد، يبعث الزلال حياة للطير والهوام والوحش وسائر الانعام والأنام.
فسبحان من يدان لدينه ولا يدان لغير دينه دين، وسبحان الذي ليس لصفته نعت موجود ولا حد محدود، ونشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) عبده المرتضى ونبيه المصطفى ورسوله المجتبى، أرسله الله إلينا كافة، والناس أهل عبادة الأوثان وجموع الضلالة، يسفكون دمائهم ويقتلون أولادهم ويخيفون سبلهم، عيشهم الظلم وأمنهم الخوف وعزهم الذل مع عنجهية (10) عمياء وحمية، حتى استنقذنا الله بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الضلالة، وهدانا بمحمد من الجهالة، وانتاشنا (11) بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من الهلكة، ونحن معاشر العرب أضيق العرب معاشا، وأخشنهم رياشا (12)، جل طعامنا الهبيد (13) وجل لباسنا الوبر والجلود مع عبادة الأوثان والنيران، فهدانا الله بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى صالح الأديان