حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه - محمد محمديان - ج ٣ - الصفحة ٢٥٣
الناس، وشدة الزمان ووقوع الفتن بنا، اللهم ففرج ذلك بعدل تظهره وسلطان حق تعرفه.
فقال عبد الرحمن بن عوف: يا بن أبي طالب إنك على هذا الأمر لحريص. فقلت: لست عليه حريصا وإنما أطلب ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحقه، وأن ولاء امته لي من بعده، وأنتم أحرص عليه مني إذ تحولون بيني وبينه، وتصرفون وجهي دونه بالسيف.
اللهم إني أستعديك (1) على قريش فإنهم قطعوا رحمي وأضاعوا أيامي ودفعوا حقي وصغروا قدري وعظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي. حقا كنت أولى به منهم فاستلبونيه، ثم قالوا: اصبر مغموما أو مت متأسفا (2)، وأيم الله لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سببي فعلوا ولكنهم لن يجدوا إلى ذلك سبيلا.
وإنما حقي على هذه الامة كرجل له حق على قوم إلى أجل معلوم، فإن أحسنوا وعجلوا له حقه قبله حامدا، وإن أخروه إلى أجله أخذه غير حامد، وليس يعاب المرء بتأخير حقه، إنما يعاب من أخذ ما ليس له، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عهد إلي عهدا فقال: «يا بن أبي طالب لك ولاء امتي فإن ولوك في عافية وأجمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه فإن الله سيجعل لك مخرجا».
فنظرت فإذا ليس لي رافد (3) ولا معي مساعد إلا أهل بيتي، فضننت (4) بهم عن الهلاك، ولو كان لي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عمي حمزة وأخي جعفر

(1) أستعديك: استعين بك وأشكو إليك واستنصرك عليهم لاخذ ظلامتي منهم.
(2) أي: انهم لم يكتفوا بغصب حقي فقط، بل زادوا عليه التعيير والتقريع.
(3) الرافد: المعين والمساعد.
(4) ضننت بهم: بخلت بهم واحتفظت عليهم كما يبخل بالنفائس ويتحفظ عليها.
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست