الرأي، فأخذ الجد ولا تلقه برأيك كله) ووافى عمرا سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر والمغيرة بن وغيرهم من جلة الصحابة الذين تخلفوا عن مبايعة علي ولم يغمسوا أيديهم في الفتنة.
وإنا نقف مما ذكره المسعودي على أربعة أمور:
1 - إن عليا أكره على اختيار أبي موسى، فلم يثق به، لأنه فارقه وخذل الناس عنه وفعل أشياء سنذكرها في محلها، أما معاوية وأهل الشام فكانوا راضين بعمرو.
2 - لم يكن أبو موسى بالرجل الذي يقف أمام داهية العرب (عمرو) هذا الموقف الذي يحتاج إلى الحنكة في السياسة وابتكار ضروب المكر والدهاء أكثر مما يحتاج إلى استقصاء مسائل الدين.
3 - إنه قد تخلف عن مبايعة على كثيرون من جلة الصحابة، من أمثال عبد الله بن عمر سعد بن أبي وقاص والمغيرة بن شعبة داهية السياسة، وأمثال هؤلاء الرجال لا يستهان بهم.
4 - إن ما قال عبد الله بن العباس لأبي موسى لم يكن من شأنه أن يرضيه، ولا أن يبعثه على الاخلاص والشدة في نصر علي.
اجتمع الحكمان في شهر رمضان سنة 37 ه، وفي هذا اليوم الشهود تجلى دهاء عمرو بأجلى مظاهره، وظهرت للملأ مقدرة هذا الرجل السياسية، وما أوتيه من حذق وذكاء، يؤيد ذلك ما نذكره مما دار بينه وبين أبي موسى من أطراف الحديث، وكيف استدرجه حتى وافقه أبو موسى على خلع علي، وكيف أثبت موكله معاوية بن أبي سفيان.
قال المسعودي في (مروج الذهب) قال عمرو: يا أبا موسى رأيت أول ما نقضي به من الحق أن نقضي لأهل الوفاء بوفائهم، وعلى أهل الغدر بغدرهم (ومن هنا نعلم لمن يريد أيقضى عمرو)، فحمد الله أبو