ووجه جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية يدعوه إلى بيعته، وزوده بكتاب يعلمه فيه اجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته، ونكث طلحة والزبير وما كان من أمرهما، ويدعوه إلى الدخول في طاعته. فماطله معاوية واستنظره، وكتب إلى عمرو بن العاص: أما بعد فإنه كان من أمر على وطلحة والزبير ما قد بلغك، فقد قدم على جرير بن عبد الله في بيعة علي وحبست نفسي عليك حتى تأتيني فاقدم على بركة الله تعالى. (اليعقوبي ج 1 ص 315).
فلما وصل الكتاب إلى عمرو دعا ابنيه عبد الله ومحمدا، واستشارهما في هذا الأمر، فقال له عبد الله: أيها الشيخ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو عنك راض، ومات أبو بكر وعمر وهما عنك راضيان، فلا تفسد دينك بدنيا يسيرة تصيبها مع معاوية، وقال له محمد: بادر إلى هذا الأمر فكن فيه رأسا قبل أن تكون ذنبا. قالوا: فأنشأ عمرو يقول:
تطاول ليلى للنجوم الطوارق * وخوف التي تجلو وجوه العواتق فإن ابن هند سألني أن أزوره * وتلك التي فيها بنات البوائق وقد قال عبيد الله قولا تعلقت * به النفس إن لم يعتقلني عوائقي وخالفه فيه أخوه محمد * وإني لصلب العود عند الحقائق ولما قدم عمرو على معاوية أشار عليه أن يلزم عليا أن يلزم عليا دم عثمان، وأن يحاربه بجند الشام إذا أبى (1).