موسى وأثنى عليه، وذكر الحدث الذي حل بالإسلام والخلاف الواقع بأهله ثم قال: يا عمرو هلم إلى أمر يجمع الله فيه الألفة ويلم الشعث ويصلح ذات البين، فجزاه عمرو خيرا وقال: إن للكلام أولا وآخرا، ومتى تنازعنا الكلام خطبا لم نبلغ آخره حتى ننسى أوله، فاجعل ما كان من كلام نتصادر عليه في كتاب يصير إليه أمرنا. فقال أبو موسى: فاكتب.
فدعا عمرو بصحيفة وكاتب، وكان الكاتب غلاما لعمرو، فتقدم إليه ليبدأ به أولا دون أبي موسى لما أراد من المكر به ثم قال له بحضرة الجماعة: أكتب فإنك شاهد علينا، ولا تكتب شيئا نأمرك به، أحدنا حتى يستأمر الآخر فيه، فإذا أمرك فاكتب، وإذا نهاك فانته حتى يجتمع رأينا.
أكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما تقاضى عليه عبد الله بن قيس وعمرو ابن العاص، تقاضيا على أنهما يشهدان أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (ثم قال عمرو) نشهد أن أبا بكر خليفة الله صلى الله عليه وسلم، عمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبضه الله إليه، وقد أدى الحق الذي عليه (قال أبو موسى (أكتب) ثم قال عمر مثل ذلك (ثم قال عمرو (أكتب) وأن عثمان ولي هذا الأمر بعد عمر على إجماع من المسلمين وشورى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى منهم، وأنه كان مؤمنا (فقال أبو موسى (ليس هذا والله مما قعدنا له). قال عمرو: والله لا بد من أن يكون مؤمنا أو كافرا. قال أبو موسى: أكتب. قال عمرو:
فظالما قتل أو مظلوما؟ قال أبو موسى: بل قتل مظلوما. قال عمرو:
أفليس قد جعل الله لولي المظلوم سلطانا يطلب بدمه؟ قال أبو موسى:
نعم. قال عمرو: فهل تعلم لعثمان وليا أولى من معاوية؟ قال أبو موسى: لا. قال عمرو: أفليس لمعاوية أن يطلب قاتله حيثما كان حتى