وأنشأ ما خلق على غير مثال كان سبق مما خلق، ربنا اللطيف بلطف ربوبيته وبعلم خيره فتق، وبأحكام قدرته خلق جميع ما خلق، فلا مبدل لخلقه، ولا مغير لصنعه ولا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، ولا مستراح عن دعوته، ولا زوال لملكه، ولا انقطاع لمدته، فوق كل شئ علا، ومن كل شئ دنى، فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى، وهو بالمنظر الأعلى، احتجب بنوره، وسما في علوه، فاستتر عن خلقه، وبعث إليهم شهيدا عليهم، وبعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه، فيعرفوه بربوبيته، بعد ما أنكروه، والحمد لله الذي أحسن الخلافة علينا أهل البيت، وعنده نحتسب عزانا في أمير المؤمنين (ع) ولقد أصيب به الشرق والغرب، والله ما خلف درهما ولا دينارا إلا أربعمائة درهم أراد يبتاع لأهله خادما، ولقد حدثني جدي رسول الله (ص): ان الأمر يملكه اثني عشر إماما من أهل بيته وصفوته، ما منا إلا مقتول أو مسموم.
ثم نزل عن منبره، فدعى بابن ملجم لعنه الله؟ فأتي به، قال يا بن رسول الله استبقني أكن لك وأكفيك أمر عدوك بالشام! فعلاه الحسن (ع) بسيفه فاستقبل السيف بيده فقطع خنصره ثم ضربه ضربة على يافوخه فقتله لعنة الله عليه.
وفي (فرحة الغري) قال الثعلبي (الثقفي خ ل) في كتاب (مقتل أمير المؤمنين (ع)) ونقلتها من نسخة عتيقة تأريخها سنة خمسة وخمسين وثلاثمائة وذلك على أحد القولين: ان عبد الله بن جعفر قال: دعوني أشفي بعض ما في نفسي عليه - يعني ابن ملجم لعنه الله - فدفع إليه فأمر بمسمار فحمي بالنار ثم كحله، فجعل ابن ملجم لعنه الله يقول تبارك الخالق للإنسان من علق، يا بن أخ لتكحلن بمملول مض، ثم امر بقطع يده ورجله فقطع، ولم يتكلم، ثم امر بقطع لسانه فجزع!.
فقال له بعض الناس: يا عدو الله كحلت عينك بالنار وقطعت يداك ورجلاك فلم تجزع، وجزعت من قطع لسانك؟ فقال لهم يا جهال انا والله ما جزعت لقطع لساني ولكني أكره ان أعيش في الدنيا لا أذكر الله! فلما قطع لسانه أحرق بالنار لعنه الله.
وفيه عن عبد الصمد بن أحمد عن ابن الجوزي قال: قرأت بخط أبي الوفاء ابن