قال ابن إسحاق: حدثني سعد بن طارق عن سلمة بن نعيم بن مسعود عن أبيه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه رسولا مسيلمة الكذاب بكتابه يقول لهما: (وأنتما تقولان بمثل ما يقول؟) قالا: نعم. فقال: (أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما) (1). وروى أبو داود والطياليسي في مسنده (عن عاصم) عن أبي وائل عن عبد الله (بن مسعود) قال: جاء ابن النواحة، وابن أثال رسولين لمسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما: (تشهدان أني رسول الله؟) فقالا: نشهد ان مسيلمة رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آمنت بالله ورسوله، ولو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما) (2). قال عبد الله (بن مسعود): (فمضت السنة بأن الرسل لا تقتل).
وفي البخاري عن أبي رجاء العطاردي قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم فسمعا به لحقنا بمسيلمة الكذاب بالنار، وكنا نعبد الحجر في الجاهلية، فإذا وجدنا حجرا هو أحسن منه ألقينا ذلك وأخذناه، فإذا لم نجد حجرا جمعنا حثية من تراب، ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه ثم طفنا به، وكنا إذا دخل رجب قلنا: جاء منصل الأسنة فلا ندع سهما فيه حديدة ولا حديدة في رمح الا نزعناها وألقيناها (3) قلت: وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الامر من بعده تبعته، وقدمها في بشر كثير من قومه، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد النبي صلى الله عليه وسلم قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال: (لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله واني لا رآك الذي أريت فيه ما رأيت، وهذا ثابت بن قيس يجيبك عني) (4). ثم انصرف عنه.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فسألت عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (انك أرى الذي أريت فيك ما رأيت)، فأخبرني أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب فأهمني شأنهما فأوحي إلي صاحب صنعاء والاخر مسيلمة صاحب اليمامة) (5). وهذا أصح من حديث ابن إسحاق المتقدم.