الزاد الخ). انه كان لهم زاد بطريق العموم وزاد بطريق الخصوص. فلما فني الذي بطريق العموم اقتضى رأى أبي عبيدة ان يجمع الذي بطريق الخصوص لقصد المساواة بينهم ففعل فكان جميعه مزودا واحدا.
ووقع عند مسلم في رواية الزبير عن جابر: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرا لقريش وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره. فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة (1)).
وظاهره مخالف لهذه الرواية. ويمكن الجمع بأن الزاد العام كان قدر جراب. فلما تعدد وجمع أبو عبيدة الزاد الخاص اتفق انه صار قدر جراب، ويكون كل من الراويين ذكر ما لم يذكر الاخر. واما تفرقة ذلك تمرة تمرة، فكان في ثاني الحال. وقد روى البخاري في الجهاد من طريق وهب بن كيسان عن جابر: (خرجنا ونحن ثلاثمائة نحمل زادنا على رقابنا ففني ز ادنا حتى كان الرجل منا يأكل (كل يوم) تمرة). واما قول عياض: (يحتمل انه لم يكن في أزوادهم تمر غير الجراب المذكور) فمردود لان حديث جابر الذي صدر به البخاري صريح في أن الذي اجتمع من أزوادهم كان مزود تمر. ورواية أبي الزبير صريحة في أن النبي صلى ا لله عليه وسلم زودهم جرابا من تمر فيصح ان التمر كان معهم من غير الجراب. وأما قول غيره يحتمل ان يكون تفرقته عليهم تمرة تمرة كان من الجراب النبوي صلى الله عليه وسلم قصدا للبركة، وكان يفرق عليهم من الأزواد التي اجتمعت أكثر من ذلك فبعيد من ظاهر السياق، بل في رواية هشام بن عروة عند ابن عبد البر. فقلت أزوادنا حتى كان يصيب الرجل منا التمرة.
السادس: في رواية وهب بن كيسان عن جابر: (فأكل منه القوم ثماني عشرة ليلة).
وفي رواية عمرو بن دينار: (فأكلنا منه نصف شهر). وفي رواية أبي الزبير: (فأقمنا عليها شهرا). ويجمع بين هذا الاختلاف بأن الذي قال: ثماني عشرة، ضبط ما لم يضبط غيره أو أن من قال نصف شهر ألغى الكسر الزائد وهو ثلاثة أيام، ومن قال شهرا جبر الكسر وضم بقية المدة التي كانت قبل وجدانهم الحوت إليها. ورجح النووي رواية أبي الزبير لما فيها من الزيادة. قال ابن التين: إحدى الروايتين وهم. ووقع في رواية الحاكم: اثنا عشر يوما، وهي شاذة وأشذ منها رواية الخولاني: أقمنا قبلها ثلاثا. ولعل الجمع الذي ذكرته أولى.
السابع: لا تخالف رواية أبي حمزة الخولاني رواية أبي الزبير في لحم الحوت لان رواية أبي حمزة تحمل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك ازديادا منه بعد أن أحضروا له منه ما ذكر، أو قال ذلك قبل أن يحضروا له منه، وكان الذي أحضروه معهم لم يروح فأكل منه صلى الله عليه وسلم.